تُعد جريمة الرشوة من الجرائم الخطيرة التي تهدد نزاهة المؤسسات وتُضعف ثقة المواطنين في أجهزة الدولة. فهي تعكس استغلالًا سيئًا للسلطة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الصالح العام. تبرز أهمية مكافحة هذه الجريمة في تعزيز العدالة والمساواة بين المواطنين وحماية المال العام.
في هذا السياق، تتجلى أهمية التعرف على أركان جريمة الرشوة وأبعادها القانونية. وكيفية تصدي المشرع المصري لهذه الظاهرة، من خلال وضع إطار قانوني صارم وعقوبات رادعة تهدف إلى القضاء على هذه الجريمة والحد من انتشارها في المجتمع. هذا المقال يستعرض أركان جريمة الرشوة، كما يوضح التشريعات المصرية المتعلقة بمكافحتها والجهود المبذولة لتحقيق مجتمع خالٍ من الفساد.
أطراف جريمة الرشوة
تتكون جريمة الرشوة من جهتين أساسيتين يتمثلان تعريف الرشوة في القانون، وهما:
- الراشي: وهو صاحب العمل أو المصلحة الذي يقدم عطية ما للمرتشي في مقابل قيامه أو عدم قيامه بعمل من أعمال وظيفته.
- المرتشي: هو الموظف العام الذي يقبل عطية ما من الراشي مقابل تنفيذ أو عدم تنفيذ عمل ما من أعمال وظيفته.
مع العلم، أنه من المُمكن أن يكون هناك طرف آخر في الرشوة وهو الوسيط بين الراشي والمرتشي، ويُعد وفقًا للقانون المصري شريكًا في الجريمة.
أركان جريمة الرشوة
لكي تتحقق جريمة الرشوة فلابد من توافر الأركان الرئيسية التالية:
- الركن المادي.
- الركن المعنوي.
- الشرط المفترض للجريمة.
الركن المادي
يجب أن يتوافر الركن المادي في جرائم الرشوة من خلال توافر السلوك الإجرامي. وهو قيام الموظف العام بقبول أو أخذ العطية من الراشي.
مع ضرورة توافر الغاية من السلوك الإجرامي حيث هو الركن المادي في جريمة الرشوة والتي تتمثل في قيام المرتشي أو عدم قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بأحد واجبات وظيفته لصالح الراشي.
الركن المعنوي
لابد وأن تتوافر في جريمة الرشوة علم ووعي كُلًا من الراشي والمرتشي بما يقومان به بشكل دقيق مع قيامهم به عن إرادة خالصة لهم.
إقرأ أيضًا: ترخيص عمل الاجانب فى مصر ما بين الشروط والإجراءات
ما هي طرق إثبات الرشوة؟
الرشوة من الجرائم التي يضع لها القانون المصري العقوبات الرادعة وتحتاج إلى كيفية اثبات الرشوة، والرشوة عبارة عن أخذ الشيء بغير حق. وهي أي فعل يقوم به موظف أو شخص له مكانه يستغلها مثل استغلال الموظف لوظيفته من أجل تحصيل المال الخاص به. وهي سلوك بالطبع ينافي الثقة بين الموظفين وبين الدولة. وانتشار جريمة الرشوة دليل على الفساد في القطاع الإداري. مما يؤدي في النهاية لانتشار الفساد.
وشروط تحقق وإثبات الرشوة تتم عن طريق اكتمال العناصر التالية:
- موظف حكومي أو موظف في الدوائر الخاصة ويسمى هنا المرتشي عند قبوله الرشوة. وهي أن يقوم بعمل معين مقابل مبلغ مادي. أو يمتنع عن أداء عمل معين من وظائفه بعد الاتفاق مع الشخص الراشي.
- والراشي بالطبع مع ضمن منظومة تحقق الرشوة وهو صاحب المصلحة بالطبع. والذي يتفق مع هذا الموظف كي يحصل على خدمة ما مع دفع مبلغ مادي أو خدمات أخرى.
- وعادة يكون هناك وسيط وهو الشخص الذي يتوسط جريمة الرشوة بين الراشي والمرتشي. وأطلق عليه القانون اسم الوسيط وقد يكون مجرد مرسال للطرفين وهو بالطبع شريك في جريمة الرشوة.
ما هي شروط الإعفاء من جريمة الرشوة؟
- الإعفاء من الرشوة من شروطه الأساسية الاعتراف بجريمة الرشوة ويشترط هنا في الاعتراف الذى يساعد على إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبات التي ينص عليها قانون العقوبات، أن يكون الاعتراف صادق وكامل ويغطى كل الوقائع التي تخص فعل الرشوة التي قام بارتكابها الراشي مع الوسيط دون نقص أو أي تحريف، وأن يكون ذلك حاصل لدى جهة الحكم حتى تتحقق الفائدة، فإذا حصل الاعتراف في المحكمة يمكن للقاضي إعفاء الراشي من جريمته.
- نصت المادة ١٠٧ مكرر من قانون العقوبات المصري أن هناك إعفاء للراشي والوسائط في الرشوة من العقولة في حالة الاعتراف بالوقائع والجريمة المتعلقة بالرشوة المنسوبة إليهم مع المتهمين كذلك بــ جريمة الرشوة، ولم يحدد القانون أي من الروط أو مرحلة تكون عندها الدعوى لهذا الاعتراف حتى ولو كان الاعتراف لأول مرة أمام محكمة النقض، ولقد تم تشريع عقوبات الرشوة من أجل تطهير النظام الإداري داخل الدولة، وكذلك لتخويف الموظف العام من وقائع الفساد.
ما معنى الاختصاص في جريمة الرشوة؟
الاختصاص هنا المقصود به أنه لا يعاقب على جريمة الرشوة إلا الموظف العام الذى اختص وظيفيًا بالعمل الذى قبل الرشوة للقيام به. ولذلك تتحقق صفة الشخص المرتشي بصفتين وهما صفة الموظف العام وصفة الاختصاص الوظيفي. وتتحقق تلك الصفة العمومية في المرتشي كونه موظف عام حقيقي أو موظف عام بالحكم أي انه في حكم الموظف العام.
ولقد جرم المشرع جريمة الرشوة بكل صورها. فهي استغلال للوظيفة العامة من أجل تحقيق مكاسب. من أمثلتها تجريم كل من:
- عرض الرشوة من الشخص الراشي حتى لو لم يقم الموظف بقبولها.
- الإخلال بالواجبات الخاصة بالوظيفة نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة.
- قبول المكافئات اللاحقة المترتبة على تقديم خدمات ما كانت لتقدم لولا وجود هذه الشخص في تلك الوظيفة، أي أنه قام باستغلال وظيفته.
- التوسّط للحصول على العطية أو الحصول على الفائدة أي كان نوعها.
- أي أمر خاص بالتوسط من أجل الحصول على الرشوة واستغلال النفوذ.
- القيام باستغلال النفوذ.
الشرط المفترض في جريمة الرشوة
يشترط في جريمة الرشوة أن يكون المرتشي موظفًا عامًا في إحدى الفئات الحكومية التالية:
- أعضاء المجالس النيابية.
- أعضاء المجالس المحلية.
- أي شخص مكلف بتنفيذ خدمة عامة.
- العاملون في المصالح التابع للحكومة.
- العاملون في المصالح الموضوعة تحت مراقبة الحكومة.
- المحكمون والمثمنون والحراس والخبراء والمصفون القضائيين.
- كل من يعمل في وظيفة مدنية.
- رجال الدين.
- مختار القرية.
- العاملين في الجهات العسكرية والشرطية.
- المستخدمون لدى السلطات البلدية.
عقوبة الرشوة (عقوبة الراشي والمرتشي)
تنص المادة 103 من قانون العقوبات على أن عقوبة المرتشي أو عقوبة جريمة الرشوة وهو أي موظف عام طلب لنفسه أو لغيره عطية أو وعدًا ما من أجل أداء أو الامتناع عن أداء وظيفة من وظائف عمله.
هي الأشغال الشاقة المؤبدة مع دفع غرامة لا تقل عن 1000 جنيه مصري ولا تزيد عن ما تم الاتفاق عليه مع الراشي. كما تنصل المادة 107 مكرر من قانون العقوبات أنه يتم إعفاء الراشي والوسيط من العقوبة إذا قاما بالاعتراف بجريمة الرشوة.
أما إذا كان المرتشي هو الذي قام بتبليغ السلطات بجريمة الرشوة فيتم إعفاؤه من العقاب، وتكون عقوبة الراشي و عقوبة الوسيط في الرشوة هي الأشغال الشاقة المؤبدة، ويُعد المرتشي شاهدًا عليهم. وفي النهاية، فإذا كنت ترغب في توكيل محامي في أحد القضايا من هذا النوع، فلابد من البحث الدقيق عن محامي ماهر يمكنك من الحصول على حقك بكافة الطرق القانونية الموكله إليه بحكمة وذكاء.
ما هي عقوبة الوسيط في جريمة الرشوة؟
- الوساطة في جريمة الرشوة في قانون العقوبات لإنهاء في المصالح عقوبته في القانون المصري قد تصل للسجن، وهذه العقوبة تطال الراشي والمرتشي كذلك. حيث تناول قانون العقوبات ذلك الأمر في أكثر من مادة واضحة، لاسيما المادة رقم 105 مكرر والتي نصت على أن أي موظف عمومي قام بعمل من أعمال الوظيفة أو امتنع عن عمل من أعمال الوظيفة. أو أخل بالواجبات من أجل توصية أو وساطة يعاقب بالخبي والغرامة التي لا تقل عن مائتي جنيه. ولا تزيد كذلك عن خمسمائة جنية، وبالطبع تغلظ العقوبات لو تكررت الجريمة.
- وبعدما تناول قانون العقوبات المصري تجريم الوساطة تحدثت المادة عن كل شخص طلب لنفسه أو لغيره أو أقر بقبول أو أخذ الوعود أو عطية لأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو القيام بالامتناع عنها، فهو يعتبر مرتشي ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على العامين ويغرم ما لا يقل عن مائتي جنيه ولا يزيد على خمسمائة جنيه أو بالعقوبتين معًا.
ماهي صفة الجاني في قضية الرشوة؟
- جريمة الرشوة من الجرائم ذات الصفة الخاصة في القانون المصري لأنها تفترض في المرتكب صفة خاصة لا يمكن أن تقوم الجريمة بدونها وهي كون ذلك المُرتشي موظف عام مختص بالعمل الذي تلقّى الرشوة عليه، وبناءً على تلك الصفة تصنف جريمة الرشوة كذلك أنها من جرائم الوظيفة العامة، وعقوبتها السجن المؤقت، وغرامة لا تقل بأي حال من الأحوال عن مئة الف جنيه مصري وفق قانون العقوبات المصري.
- ومع ذلك نجد الكثير من المشرعين الراغبين في تعديل القوانين المتعلقة بالرشوة، فتغليظ العقوبات قد يمنع وجود الرشاوي خاصة وهي منتشرة بشكل كبير في المجتمع حاليًا، كما أن الرشوة ليست جريمة فقط بل هي ذنب شرعي يعاقب الله عليه يوم القيامة وهنا العقوبة تشمل الراشي والمرتشي والوسائط.
ما هي عقوبة الرشوة في العمل؟
- وفق المادة ١٠٣ أي موظف عمومي طلب لنفسه أو حتى لغيره أو قبل أي نوع من العطايا والهدايا
ولا يشترط المال فقط لأداء عمل من أعمال الوظيفة المكلف بها يعد مرتشي. ويعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على تم وعده به. فما فعله الموظف هنا متاجرة بوظيفته فهو طلب مقابل للقيام بفعل قد يخالف القوانين أو أمتنع عن فعل يتفق مع القوانين. وبالطبع تلك الأفعال من الجرائم التي تتسبب في انتشار الفساد المجتمعي وعدم تحقيق العدالة. - لو كان الغرض من الرشوة ارتكاب أمر يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من تلك العقوبة المقررة للرشوة
هنا عاقب الراشي والمرتشي والوسيط بتلك العقوبة المقررة لهذا الفعل مع الغرامة المقررة كذلك للرشوة. ويعفى الراشي وكذلك الوسيط من العقوبة لو أخبرا السلطات بجريمتهم وفق لنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من نفس هذا القانون. وفي ذلك تشجيع من السلطات على العودة من طريق الجرائم مع وعد بالبراءة. وان كان بعض المشرعين غير راضين عن ذلك الأمر ويرون أن من قبل رشوة لابد أن يعاقب سواء اعترف أو لم يعترف.
ما هي أسباب البراءة في قضية الرشوة؟
- هناك الكثير من الأسباب التي تدفع القاضي لإصدار حكم بالبراءة سواء على المرتشي أو الوسيط. وعلى رأس تلك الأسباب عدم وجود الأدلة الكافية التي تدعم قيامهم بتلك الجريمة. فالقانون عادل ويسير وفق قواعد وشروط تمنع القيام بظلم أحد. ولذلك لو كانت حيثيات القضية تقتضي بإصدار حكم البراءة يقوم القاضي بذلك الحكم. وبالطبع القانون المصري يبرأ المرتشي الذي يعترف بجريمته ويعود عنها.
- فهناك إعفاء للراشي وللوسيط من التهم في قضايا الرشوة لو قاموا بالاعتراف وذلك وفق نص المادتين “107” و”107″ مكرر من قانون الإجراءات الجنائية المصري. وان كانت هناك بعض الأصوات التي تنادي بتغيير ذلك القانون. ويرون بأنه يشجع على تمادي المرتشي والوسيط في القيام بمثل هذا النوع من الجرائم.
ويُعد المستشار القانوني ياسر سلامة – محامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة. وماجيستير في القانون – واحدًا من أمهر محامي قضايا الرشوة التي يمكنك الاعتماد عليهم.
اطلب استشارة قانونية أو تواصل معنا
من هنا