حكم نقض فى جريمة التزوير. يعتبر التزوير من الجرائم التي تهدد الثقة العامة وتمس سلامة المعاملات الرسمية والشخصية على حد سواء. ولذا، حرصت التشريعات الجنائية على تشديد العقوبات المتعلقة بهذا النوع من الجرائم، لما له من أثر بالغ على المجتمع والأفراد. في هذا المقال، سنستعرض حكم نقض صادر في جريمة التزوير.
متناولين كافة تفاصيل القضية من حيث الوقائع، والإجراءات القانونية المتبعة، والأدلة المقدمة، وصولاً إلى المرافعات والأحكام النهائية. كما سنتطرق إلى حيثيات الحكم وأسباب قبول أو رفض الطعون المقدمة من الأطراف المعنية، بالإضافة إلى التأثير القانوني والاجتماعي للحكم الصادر. من خلال هذا التحليل، نسعى إلى تقديم فهم شامل ودقيق لجريمة التزوير وكيفية التعامل القضائي معها، بما يساهم في توعية المجتمع بأهمية النزاهة والشفافية في جميع المعاملات.
الطعن رقم ١٨٣٦٣ لسنة ٨٣ قضائية
الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٤/٠٦/١٢
مكتب فنى ( سنة ٦٥ – قاعدة ٦٤ – صفحة ٥٤٢ )
العنوان : تزوير ” أوراق رسمية ” . جريمة ” أركانها ” . إثبات ” بوجه عام ” .
حكم نقض فى جريمة التزوير
الموجز : وقوع تغيير للحقيقة في محرر يمكن أن يولد عند من يقدم له عقيدة مخالفة للحقيقة . كفايته للعقاب على التزوير . التزوير المعنوي . مناط تحققه ؟ ثبوت الاختلاف بين الحقيقة وما تضمنته بيانات المحرر . يعد دليلاً على التزوير .
القاعدة : مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ يَكْفي للعِقَاب عَلْى التَزوير أَنَّ يقع تَغيِّيراً للحَقيقة فِي مُحَرَّر يُمْكِن أَنَّ يُوَلد عِنْد مِنْ يُقدَم لَهُ عَقيدة مُخَالِفَّة للحَقيقة ، وَالتَزوير المَعْنوي يَتَحقَّق بِتَشويه المَعَاني التي كَاْنَ يَجِبُ أَن يُعبِّر عَنْها المُحَرَّر ، أَوْ إِثْبَات بيانات عنها لها دلالة مُختلفة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّهُ مَتى ثَبَتَ الاِخْتلَاف بَيْن الحَقيقة وَمَا تَضْمنته بَيَانَات المُحَرَّر ، كَاْنَ فِي ذَلِك الدَليل عَلْى التزوير .
الحكم
اِتَّهَمَت النِيابَّةُ العَامَّةُ الطَّاْعِنَ بِأَنَّهُ ١ – بِصِفَتِهِ مُوَّظَفاً عُمومياً …. اِسْتولى بِغَيْرِ حَقٍ وَبِنيَّةِ التَمَلُك عَلْى وَرَقَّة الأَسئِلَّة وَالأَجوبَّة التي تَحمِل مُسَلسَل رَقْم …. وَالمُخَصَّصة لتلقي إِجَابَاته فِي مَادَّة …. بِأَنَّ قَامَ بِنَزعِها مِنْ مَوضِعِها وَالاِحْتفاظ بها خِلسة عَنْ مُرَاقبي لَجنة الاِمْتحان ، وَقد ارْتبطت تِلْك الجَريمة بِجَريمتي تَزْوير وَاِسْتعمال مُحَرَّر رَسمي اِرْتباطاً لَا يَقبل التَجزئِة ، ِأَنَّهُ فِي ذَاتِ الزَمَان وَالمَكَاْن وَبِصِفَتِهِ الوَظيفيَّة سَالِفة الذِكْر اِرتكب تَزْويراً مادياً بالإِضَافةِ فِي مُحَرَّر رَسْمي وَهُو وَرَقة الأَسئلَّة وَالأَجوبة التي تَحْمِل مُسلسل رَقم …. وَالمُخَصَّصة لتلقي إجاباته فِي مَادَّة …. وَذَلِك بِجَعْل وَاقِعَّةً مُزَوَّرَة فِي صُورة وَاقِعةٍ صَحيحَّةٍ ، بِأَن قَامَ بِتَدْوين الأَجوبة النَمْوذجيَّة لِلأَسْئلة الوَارِدة بِها نَقلاً مِنْ مَصْدَرِها بِمَا يُخَالِف مُسْتَوَاه التَعليمي الدالة عَلْيهِ إجاباته بِبَاقي الأَوْرَاق المُعَدَّة لاِخْتبَارِهِ وَفِي غَيْرِ الوَقْت المُحَدَّد للإِجَابَّة
وَاِسْتعمل المُحَرَّر المُزَوَّر آنِف الإِشَارَّة إِليهِ فِيمَا زُوِرَ مِنْ أَجْلِهِ ، بِأَنَّ قَدمَهُ إِلى عميد كُليَّة …. بِجَامعَّة …. مُحتَجا بِصِحَتِهِ عَلْى خِلَاف الحَقيقة . ٢ – بِصِفَتِهِ السَالِفَّة أَضَّرَ عَمْداً بِمَصَالِح الجِهَّة التي يَعمل بِها إِضْرَاراً جَسْيماً ، بِأَنَّ قَامَ بِنَزْعِ وَرَقة الأَسئلة وَالأَجوبة التي تَحْمِل مُسلسل رَقْم …. وَالمُخَصَّصة لِتَلقي إجاباته فِي مَادَّة …. مِنْ مَوْضِعِها وَمِلء بَيَاناتها بالأجوبة النَمْوذجيَّة نَقلاً مِنْ مَصْدرها ، وَالاِدْعَاء كَذِباً بِقِيَام الشاكي / …. بتدبير تِلْك المَكيدة لَهُ عَلْى خِلَاف الحَقيقة بِغَرْضِ التَرقي لِدَرجةٍ عِلْميَّةٍ دُوْن وَجْهِ حَق
مِمَّا تَرتب عَلْيهِ تَشويه وَجْهَ الصِرْح العِلْمي الذي يعمل بِهِ ، وَإِدَانة الشَاكِي بِعُقوبتي الَّلوم وَالحِرْمَان مِنْ التَرقية لِمُدَّةِ عَام وَدُوْنمَا جَريرة . ٣ – بِصِفَتِهِ سَالِفة الذِكْر أَتْلَّف عَمْداً وَرَقة الأَسئلة وَالأَجوبة التي تَحْمِل مُسلسل رَقْم …. وَالمُخَصَّصة لِتَلقى إِجَابَاتَهُ فِي مَادَّة …. وَالمَمْلوكَّة لجِهة عَمله ، بِأَن قَامَ بِتَمْزيقِها إِلى أَربعة شَرَائِح طُوليَّة . ٤ – قَذَفَ فِي حَقِ المَجْني عَلْيهِ / …. بِأَن أَسْند إِليهِ عَلْى خِلَافِ الحَقيقة أُموراً لوْ صَحَّت لِأَوْجَبت عِقَابَهُ قَانوناً وَاِحْتقَاره عِنْد أَهل وَطْنَهُ .
٥ – أَبْلغ كَذِباً مَع سُوءِ القَصْد النِيَابة العَامَّة وَجِهة عَمله بِقيام الشَاكي / …. بِنَزْعِ وَرَقة الأَسئلة وَالأَجوبة التي تَحمل مُسلسل رَقْم …. وَالمُدَونة بِها إِجَاباته الكَامِلة وَالصَحيحة فِي مَادَّة …. وَالاِسْتيلاء عَلْيهِا وَتَمزيقها إِضْرَاراً بِهِ وَذَلِك عَلْى خِلَاف الحَقيقة .
وَأَحالَتْهُ إلى مَحْكَمَّة جِنايات …. لِمُحاكَمَتِه طِبْقاً لِلْقَيد وَالْوَصْف الْوارِدَيْنِ بِأَمْرِ الإحَالةِ وَاِدَّعَى المَجْنيُ عَلْيهِ / …. قِبَل المُتَّهَم مَدنياً بمبلغ عشرة آلاف وَوَاحِد جُنَيه عَلْى سَبْيلِ التَعْويض المُؤَقَّت .
وَالمَحْكَمَّة الْمَذْكُورَّة قَضَتْ حُضْورِيّاً عَمَلاً بِالْمَواد ٣٠ ، ١١٣ / ١ ، ٢ ، ١١٦ مُكَرَّراً / ١ ، ١١٧ مُكَرَّراً ، ١١٨ مُكَرَّراً ، ١١٩ / ج ، ١١٩ مُكَرَّراً / ه ، ١٧١ مِنْ قَانْون العُقوبَات ، مَع إِعْمَال نَّصَ المَادَّتين ١٧ ، ٣٢ مِنْ ذَاتِ القَانْون ، بِمُعَاقَبتِهِ بِالسِجْنِ المُشَدَّد لِمُدَّةِ ثَلَاث سَنوات ، وَأَمْرَّت المَحْكَمَّةُ بِعَزْلِهِ مِنْ وَظْيفتِهِ ، وَمُصَادَرَّة المُحَرَّر المُزَوَّر المَضْبوط ، وَإِحَالَّة الدَعْوى المَدنيَّة إِلى المَحْكَمَّة المَدنيَّة المُخْتصَّة .
فَطَعَنَ المَحْكُومُ عَلْيهِ فِي هذا الحُكْم بِطَرِيق النَّقْض ، قضت مَحْكَمَّة النَّقْض بِقَبْولِ الطَّعْنَ شَكْلاً ، وَفِي المَوْضُوع بنقْض الحُكْمَ المَطْعُون فِيْهِ وَإِعَادة القَضيَّة إِلى مَحْكَمة جنايات …. لِتَحْكُم فِيها مِنْ جَديد دَائِرَّة أُخْرى . وَمَحْكَمة الإِعَادة – بِهيئةٍ مُغَايِرةٍ – قَضَت حُضْورياً عَمَلاً بِالْمَواد ٣٠ ، ١١٣ / ١ ، ٢ ، ١١٦ مُكَرَّراً / ١ ، ١١٧ مُكَرَّراً ، ١١٨ ، ١١٨ مُكَرَّراً ، ١١٩ / ج ، ١١٩ مُكَرَّراً / ه ، ١٧١ مِنْ قَانْون العُقوبَات ، مَع إِعْمَال نصَ المَادَّتين ١٧ ، ٣٢ مِنْ ذَاتِ القَانْون ، بِمُعَاقَبتِهِ بِالحَبْسِ مَع الشُغْل لِمُدَّة سَنَة ، وَأَمْرَّت المَحْكَمةُ بِعَزْلِهِ مِنْ وَظْيفتِهِ ، وَمُصَادَرة المُحَرَّر المُزَوَّر المَضْبوط ، وَإِحَالة الدَعْوى المَدنيَّة إِلى المَحْكَمَّة المَدنيَّة المُخْتصَّة .
فطَعَنَ المَحْكُومُ عَلْيهِ فِي هذا الحُكْم بطريق النقض – للمَرَّةِ الثَانيَّة – … إلخ .
المحكمة
وَحَيْثُ إِنَّ مَبنى أَوْجه الطَّعْن التي تَضمنتها تقارير الأَسْبَاب الثلاثة المُقَدمَّة مِنْ الطَّاْعِن هُو أَنَّ الحُكْمَ المَطْعُونَ فِيْهِ إِذْ دَانَ الطَّاْعِن بِجَرَائِم الاِسْتيلاء عَلْى مُحَرَّر رَسْمي وَالتزوير فِيْهِ وَاسْتعماله ، وَالإضرار العَمْد بِمَصَالِح الجِهَّةِ التي يعمل بها ، وَالإِتلاف العَمْد ، وَالقَذْف ، وَالبَلَاغ الكَاذِب ، قَد شَابَهُ القُصْور فِي التَسْبيب ، وَالفَسَاد فِي الاِسْتدلال ، وَرَانَ عَلْيهِ البُطْلَان ، وَاِنْطوى عَلْى إِخْلَال بِحَقِ الدِفَاع ، ذَلِك بِأَنَّهُ حُرِّر فِي عِبَارَاتٍ عَامَّةٍ مُعَماةٍ وَفِي صُورة مُجْملة للجَرَائِم التي دَانَهُ بها دون تفصيل لكل مِنْها بِمَا تَتَوافر مَعه أَرْكَان كُل جَريمَّة فِي حَقِهِ ، فَضْلاً عَنْ عَدَمِ بَيان الحُكْم لِوَاقِعَّة الدَعْوى وَظُروفها وَمُؤَدى الأَدِلَّة التي اِعْتمد عَلْيهِا فِي قَضَائه
وَأَغْفل ذِكْر شُهُود الإِثْبَات لَدى تَحْصيلَهُ لوَاقِعة الدَعْوى وَلَمْ يُورِد شَهَادات آخرين تضمنت أَقْوَالهم قَرَائِن مِنْ شَأَنِها نَفي الاِتْهام عَنْ الطَّاْعِن ، كَمَا أَنَّ الصُورة التي اعتنقها الحُكْم للوَاقِعَّة لَا تتحقق بِها أَرْكَان جَريمَّة التزوير كَما هي مُعَرَّفة بِهِ فِي القَانْون ، هذا إِلى أَنَّ الوَرَقة التي دين الطَّاْعِن بتزويرها عُرفيَّة وَلَيْست رَسميَّة وَفْق مَا اِنْتهى إِليهِ الحُكْم ، كَمَا وَأَنَّ الحُكْمَ لَمْ يعن باِسْتِظَهار صِفة الطَّاعِن الوظيفية وَالقَصْد الجنائي لديه وَالمُوَفِّر لجناية الاِسْتيلاء التي دين بِها
أَوْ الرَّد عَلى دِفَاعِهِ باِنْتفاء ذَلِك القَصْد لديه وَبِدَلالة رد المُحَرَّر مَوْضُوع تلك الجَريمَّة إلى الجهة المالكة له ، ثُمَّ أَحَالَ الحُكْمُ فِي بَيَانِهِ لأَقْوَال الشَاْهِد الخامس إِلى مَا أَوْردَهُ مِنْ أَقْوَال سَابِقَهُ رَغْم أَنَّ شَهَادة الأَخير وَالتي أَوْردها الحُكْمُ تتضمن مؤداها وَقَائِع لَمْ يَشْهد بِها الشَاهِد الخامس ، فَضلاً عَنْ عَدَمِ إِيرَاد الحُكْم لِمُؤَدى شَهَادَّة الرابع ، واخْتلاف تفصيل شَهَادة الشُهُود وَالتي أَحَالَ الحُكْم فِي بَيَان بَعْضها إلى مَا أَوْردَهُ مِنْ شَهَادة البَعْض الآخر ، هذا وَقَد جَاءَ الحُكْمُ قَاصِراً عَنْ اسْتظهار أَرْكَان سَائِر الجَرَائِم التي دان بها الطَّاْعِن ، فَضلاً عَنْ عدم تَوَافُرها فِي حَقِهِ ، وَلَمْ تُثْبِتُ المَحْكَمة بالجلسة بيانات الأَحْراز التي تَمَّ فَضِها وَعَدَّدها وَأَنَّها مَكَنت الدِفَاع مِنْ الاطْلَاع عَلْيهِا بِمَا يُبْطِل هذا الإِجْرَاء ، كَمَا وَأَنَّ الحُكْمَ المَطْعُون فِيْهِ قَد اتخذ مِنْ أَسْبَاب الحُكْم المَنْقوض – وَالسَابِق صُدْورَهُ فِي الدَعْوى – عِمَاداً لِقَضَائِهِ بِمَا يُبْطلَهُ
هَذا إِلى عَدم صَلاحيَّة الأَدِلَّة التي عَوَّل عَلْيهِا الحُكْم لِكَونها اِسْتنتاجيَّة لَا تَصْلُح فِي الإِدَانَّة ، وَلَمْ تَتحقق المَحْكَمة مِنْ مدى صحتها وَصدقها وَسَاقَ الطَّاعِنُ إِلى ذَلِك حجج وقرائن ، فَضْلاً عَنْ عَدَمِ مَعقوليَّة تَصوير المَحْكَمَّة للوَاقِعَّة وَعَدم صِدْق رِوَاية الشُهُود عَنْها ، وَقَدَّم الطَّاعِنُ مِنْ المُسْتندات مَا يُظَاهِر بِهِ هذا الدِفَاع ، بَيْد أَنَّ الحُكْمَ اِلتفَت عَنها إِيْراداً وَرداً ، كَمَا أَنَّ الصُورَّة التي أَوْردها الحُكْم للوَاقِعَّة تضمنت أَنَّ الطَّاْعِنَ أَضَاف الإِجْابَات النَمْوذجيَّة مَوْضُوع جَريمة التزوير من مَصْدرها العِلْمي مُبَاشِرة
وَهُو مَا انْتهى إِليهِ التقرير الفني الذي عَوَّل عَلْيهِ الحُكْم فِي الإِدَانَّة ، وَذَلِك دُوْن أَن يُبَيِّن وَجْهَ اِسْتدلالَهُ عَلْى ثُبوتِ تِلْك الصُورة وَسَنَد الخَبْير فِيمَا اِنْتهى إِليهِ فِي تقريره ، هذا إلى تَنَاقُض الدَليلين الفني وَالقولي وَسُقْوط الحَق فِي الشَكْوى لِمُرورِ أَكثر مِنْ ثلاثة أشهر ، وَهُو مَا كَاْنَ يَتَعيَّن مَعه أَن يشمله تَحقيق النِيَابَّة ، وَهُو مَا تَردى فِيْهِ الحُكْم وَأَغْفل ذَلِك الدِفَاع جَميعَهُ وَكَذا دِفَاع الطَّاْعِن المَوْضُوعي المُؤَيَّد بِالمُسْتندات ، وَلَمْ تعن المَحْكَمة – مِنْ قَبْل – بِتَحْقيقِهِ بُلوغاً إِلى غَايَّة الأَمر فِيْهِ ، ذَلِك بِمَا يَعْيبُ الحُكْمَ وَيَسْتَوجِبُ نَّقْضَهُ .
يتبع 1:
وَمِنْ حَيْثُ إِنَّ الحُكْمَ المَطْعُونَ فِيْهِ بعد أَنَّ أَجْمل تَحْصيل الوَاقِعة فِي قَوْلِهِ : ” … إنه وحال قيام المُتَّهَم …. ” …. بقسم …. بكلية …. جامعة …. ” بأداء امتحان الدراسات العليا فِي مَادَّة ” ….. ” ونظراً لضعف مستواه العلمي فِي هذه المَادَّة اِسْتولى بغَيْر حق عَلْى وَرَقة الأسئلة وَالأجوبة وَالتي تحمل رَقْم مسلسل …. وَالمخصصة – ضمن أَوْرَاق الإجابة – لتلقي إجابته فِي تلك المَادَّة بأن نزعها مِنْ موضعها وَاحتفظ بها خلسة عَنْ مراقبي لجنة الامتحان وَدون إجابات نموذجية بها لَا تستقيم مع مستواه العلمي الدالة عَلْيهِا إجاباته بباقي الأَوْرَاق المعدة للإجابة ثم اِسْتعمل هذا المُحَرَّر المزور فيما زور مِنْ أجله ”
عَادَ وَفَصَّل ذَلِك فِي سِيَاقٍ بَسَطَهُ لِمَضْمونِ كُلِّ دَليلٍ من الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة وكذا في رده على دفاع المتهم بِنَفيِهِ الاِسْتيلاء عَلى وَرَقة الإِجَابَّة مَحل جَريمَّة التزوير وَبِتَسليمِهِ إِيَاها قَبْل خُرُوجَهُ مِنْ لَجنة الاِمْتحان وَاِنْعدام سَيْطرتهُ عَلْيهِا بِقَولِهِ : ” فهو فِي غير محله حيث إِن الثابت مِنْ تقرير أبحاث التزييف وَالتزوير أَنَّ المُتهَم هو الكاتب لتلك الوَرَقة فِي ظرف كتابي لاحق للظرف الكتابي المُحَرَّر فِيْهِ باقي أَوْرَاق إجاباته وَأن أَوْرَاق الإجابات الأخرى يبدو أعلاها ثلاث مواضع مثقوبة لأماكن دبابيس تطابق تلك المواضع مِنْ أول وَرَقَّة مِنْ كراسة الإجابة حتى آخر وَرَقة
وَهي التي قام الدكتور ” …. ” بتدبيسها قبل تسليمها إلى الكنترول حيث قرر بأن أَوْرَاق الإجابة وَالأسئلة كَاْنَت مدبسة بدبوس وَاحد فقط مِنْ أعلى ثم دبسها بعد ذَلِك مِنْ الجانب وَأن أماكن هذا التدبيس غَيْر موجود بالوَرَقة السادسة بمعنى أَنَّ تلك الوَرَقَّة تم نزعها أثناء أداء المُتَّهَم للامتحان فضلاً عما ثبت مِنْ تقرير أبحاث التزييف وَالتزوير مِنْ أَنَّ الوَرَقة محل تلك الدَعْوى وَالتي تحمل رَقْم …. وَالتي تحمل الأسئلة المطبوعة مِنْ رَقْم …. إلى …. قد كتبت فِي ظرف كتابي مغاير
حيث لَمْ تظهر أي ضغوط للتصحيح عَلْى الوَرَقة المفردة وَكذا لَمْ يظهر بها أي ضغوط ناشئة عَنْ الإجابات الموجودة فِي باقي الأَوْرَاق وَالتي ظهرت عَلْى الأَوْرَاق السابقة لها والتالية عَلْيهِا فضلاً عَنْ أنه عقب تزويره تلك الوَرَقة تمت الإعادة عَلى الحروف الموجودة بالأحرف الممزقة لإظهار شكل تلك الحروف حيث إِن التمزيق أضاع بعض معالمها فأعيد عَلى الحروف بذات المداد فضلاً عَنْ اختفاء الأخطاء الإملائية فِي الوَرَقة رَقْم …. عنها فِي باقي الأَوْرَاق الأخرى مما يفيد أَنَّ إجابته ليست خارجة مِنْ الصُورَّة الذهنية لَهُ وَهو مَا تطمئن المَحْكَمة معه بما لَا يدع مجالاً للشك مِنْ أَنَّ الوَرَقة محل تلك الدَعْوى لَمْ تخرج عَنْ سيطرة المُتَّهَم حتى إظهارها بعثوره عَلْيهِا أسفل باب معمله . ” ثُمَّ خَلص الحُكْم مِنْ ذَلِك إِلى قَوْلِهِ : ”
وهو ما تطمئن معه المَحْكَمَّة إلى أَنَّ المُتَّهَم هو الكاتب للوَرَقة المنفردة فِي ظرف كتابي لاحق للظرف الكتابي لباقي أَوْرَاق الإجابة وَقد توافر القصد الجنائي كاملاً للمُتَّهَم حال إظهار تلك الوَرَقة المفردة وَالمنزوعة مِنْ كراسة إجابته عقب ظهور نتيجة الامتحان وَرسوبه فِي مَادَّة ” …. ” حيث ظل قابعاً ينتظر مَا سيسفر عنه تصحيح تلك المَادة إلى أَن علم برسوبه فأظهر تلك الوَرَقة وَما تشتمل عَلْيهِ من إجابات وَفي الحالتين تكون قد توافرت مصلحته يقيناً جراء فعله المؤثم … ” لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَت المَادَّةُ ٣١٠ مِنْ قَانْون الإِجْرَاءَات الجنائية قَد أَوْجَبت فِي كُلِ حُكْم بالإِدَانة أَنَّ يشتمل عَلْى بَيَان الوَاقِعة المُسْتَوجِبة للعُقوبة بَيَاناً تتَحَقَّق بِهِ أَرْكَان الجَريمَّة التي دان بها الطَّاْعِن ، وَالظُروف التي وَقَعَّت فِيها
أحكام نقض فى جريمة التزوير
وَالأَدِلَّة التي اسْتخلصت مِنْها المَحْكَمة ثُبوت وُقْوعها مِنْهُ وَإِيْرَاد مُؤَداها ، وَكَانَ يَبين مِنْ مَجْموع مَا سَطرَهُ الحُكْم أَنَّهُ بَيَّنَ وَاقِعَّة الدَعْوى بِمَا تَتَوافر بِهِ كَافَّة العَنَاصِر القَانْونية للجَرَائِم التي دَانَ بها الطَّاْعِن ، وَأَوْرَّد عَلْى ثُبوتها فِي حقه أَدِلَّة سَائِغَّة مِنْ شأنها أَنَّ تؤدي إلى مَا رتبه الحُكْم عَلْيهِا ، وَجَاءَ اسْتعراض المَحْكَمة لأَدِلَّة الدَعْوى عَلْى نحْوٍ يَدُل عَلْى أنها محصتها التمحيص الكافي وَأَلمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عَلْيهِا مِنْ تدقيق البَحْث لِتَعرِف الحَقيقة ، مِمَّا يَكْون مَعه مَنعى الطَّاعِن بِأَنَّ الحُكْم شَابَهُ الغُمْوض وَالإِبْهَام وَالإِجْمَال وَعَدَمَ الإِلمام بِوَقَائِع الدَعْوى وَلَا مَحل لَهُ . وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ القَانْون لَمْ يَرْسِم شَكْلاً خَاصاً يَصْوغ فِيْهِ الحُكْم بيان الوَاقِعة المُسْتَوجِبة للعُقوبة ، وَالظُروف التي وَقَعت فيها
وَالأَدِلَّة التي اِسْتخلصت منها وُقوعها مِنْ المُتَّهَم ، وَإذ كَاْنَ مَجْموعُ مَا أَوْرده الحُكْم كافياً فِي تفهم الوَاقِعة بأَرْكَانِها وَظُروفها حسبما اسْتخلصته المَحْكَمة وَيَرتد إلى أَصْلٍ صَحيحٍ فِي الأَوْرَاق سَوَاء كَاْنَ فِي بَيَان الوَاقِعة أَوْ أَدِلَّة الثُبوت عَلْيهِا ، كَاْنَ ذَلِك مُحَقِّقاً لِحُكْمِ القَانْون ، وَيَكْون مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِن فِي هذا الشأن وَكَذا فِي خُصْوص ما ينعاه عَلْى الحُكْم مِنْ عَدَمِ إِشارتَهُ إِلى شُهُود الإِثْبَات لدى تحصيله لوَاقِعة الدَعْوى غَيْر سَديد . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَانَ تقدير الدَليل فِي الدَعْوى مِنْ شَأَنِ مَحْكَمة المَوْضُوع فَمَا اطْمأَنت إِليهِ أَخذت بِهِ
وَمَا لَمْ تَطْمئِن إِليهِ أَعْرَضَّت عَنْهُ ، دون أَنَّ تُسْأَل حِسَاباً عَنْ ذَلِك ، وَإِذْ كَانَ الطَّاْعِنُ لَا يُمَاري فِي أَنَّ مَا حَصْلَهُ الحُكْم مِنْ أَدِلَّة الثبوت وَالتي اعتمد عَلْيهِا فِي قَضَائِهِ لَها معينها الصحيح بالأَوْرَاق ، فَلَا مَحل لِمَا ينعاه مِنْ التفَات الحُكْم عَنْ شَهَادة الشُهُود المَذْكورين بِأَسْبَاب طَّعْنه وَعدم أخذه بشهادتهم ، طَالمَا أَنَّ وَزْنَ أَقْوَال الشُهُود وَتقدير الظروف التي يُؤَدون فيها شهادتهم وَتعويل القضاء عَلْيهِا مِنْ إِطْلاقات مَحْكَمة المَوْضُوع تُنْزِلَهُ المَنْزلَّة التي تَراها وَتُقدِرَهُ التقدير الذي تَطْمئِن إِليهِ دون رِقَابة لمَحْكَمة النَّقْض عَلْيهِا
فَمِنْ ثَمَّ يَكْون مَا ينعاه الطَّاْعِن فِي هذا الشأن غَيْر قويم . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ يَكْفي للعِقَاب عَلْى التَزوير أَنَّ يقع تَغيِّيراً للحَقيقة فِي مُحَرَّر يُمْكِن أَنَّ يُوَلد عِنْد مِنْ يُقدَم لَهُ عَقيدة مُخَالِفَّة للحَقيقة ، وَالتَزوير المَعْنوي يَتَحقَّق بِتَشويه المَعَاني التي كَاْنَ يَجِبُ أَن يُعبِّر عَنْها المُحَرَّر ، أَوْ إِثْبَات بيانات عنها لها دلالة مُختلفة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّهُ مَتى ثَبَتَ الاِخْتلَاف بَيْن الحَقيقة وَمَا تَضْمنته بَيَانَات المُحَرَّر
يتبع 1:
كَاْنَ فِي ذَلِك الدَليل عَلْى التزوير . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الفِعْلُ الذى يَتكوَّن بِهِ – مَع النَتيجَّة وَعِلَاقة السَببيَّة بينهما – الرُكْن المَادي للجَريمَّة العمدية ، هُو سُلوكٌ إِرَاديٌ تَتَجِهُ فِيْهِ الإِرَادةُ إِلى جَمْيع مَنَاحي هَذا السُلوك عَلْى تَعَدُّدِها وَتنوعها بِحُسْبَانِها وَسَائِل إِدْراك النتيجة ، وَمِنْ ثَمَّ يَتَعيَّن النظر إِلى هَذه الوَسَائِل كَوِحدَّةٍ وَاحِدَةٍ ، يتكون منها ماديات الفعل نفسه وَالمَوَصِلَّة إلى النتيجة التي هي العُنصر الثاني فِي الرُكْنِ المَادي وَالتي تمثل العُدوان الذي ينال مَصلحة أَوْ حَق قَرَّر الشَارعُ جَدَارتَهُ بالحِمَاية الجِنَائيَّة ، بِمَعنى أَنَّهُ إِذَا مَا ثَبَتَ أَنَّ بَيَانَات وَرَقَّة الإِجَابَّة – محل جَريمَّة التزوير – قد تضمنت بطريق الغش إِثْبَات إِجَابات عَلْى أسئلة الاختبار الخَاضِع لَهُ الطَّاْعِن فِي المَكَاْنِ وَالزَمَان المُحَدَّد لَها وَذَلِك عَلْى خِلَاف الحقيقة ، وَأَنَّ الأَفْعَال المُكَوِنَّة للغِش وَالدَاخِلة فِيْهِ قَد تَمَثلَّت فِي اِنْتزَاع الطَّاْعِن الوَرَقة – مَوْضُوع جَريمة التزوير التي دين بِها
مِنْ كراسة الإجابة خِلْسة وَفِي غَفلةٍ عَنْ نَظر المُرَاقبين فِي دَاخِل لَجنة الاِمْتحان ، ثُمَّ أَعْقب ذَلِك بِأَنَّ أَفْرغ الإِجْابَات النَمْوذجيَّة فِي وَرَقة الإجابة – فِي زمان وَمَكَان مُختلفين عَنْ المُحَدَّد لَها مُدعِّيا كَذِباً بَعْد ذَلِك بِعُثورِهِ عَلْيهِا وَأَنَّها كَاْنَت ضِمْنُ إِجَابَاتَهُ التي سَلَّمها دَاخِل لَجنة الاِمْتحان – وَكَاْنَت تلك الأفعال قد تتابعت وَاِنْتظمها نَشَاط يَسْتهدِف فِي جَمْيع صِورهُ جَعل هذه الوَرَقة تشهد بِمَا يَمِسُ مُسْتَواه العِلْمي فِي المَادَّةِ مَوْضُوع الاِخْتبار الذي خَضَعَ لَهُ ، بِجَعلِهِ أَعلى مِنْ مُستواه الحقيقي حَالَ تقديمه لَها للِمَنْوطٍ بِهِم تَقدير مُستوى تَحصيله العلمي ، فَإِنَّ جَريمة التزوير المعنوي فِي وَرَقة الإجابة تَكْون قد تَحقَّقت ، حَتى لَّوْ صَادف ذَلِك تطابقاً بين المكتوب فِي وَرَقة الإجابة وَمستوى الطالب العلمي
إقرا أيضا: حكم نقض فى سقوط الخصومه
ما دامت تلك الإجابات قد ثبت تحريرها فِي غَيْر الزَمَان وَالمَكَان المُعَيَّن لها ، الأَمر الذي ينتفي معه أثر ذَلِك التَطَابُق بِحُسْبَان أَنَّ جَمْيع الأَفْعَال المُكَوِنة للنَشَاطِ الإجرامي وَالذي يُمَثِّل الرُكْن المَادي وحدة وَاحِدة ، اِرْتبطت فِي نِهَايتها بِالضَررِ النَاتِج عَنْها وَالمُتمثِل فِي تَكْوين عَقيدة خَاطِئة وَمُخَالِفة للوَاقِع ، وَهُو مَا اِسْتظهره الحُكْمُ بِجَلَاءٍ ، وَيَكْون مَعه مَا ينعاه الطَّاْعِنُ عَلْى الحُكْم مِنْ عدم تَوَافُر الرُكْن المَادي لجَريمَّة التزوير كَمَا هي مُعَرفة بِهِ فِي القَانْون وفق تصوير الحُكْم لَها وَمِنْ قُصْورِهِ عَنْ اِسْتظهار قيام أَرْكَان تلك الجَريمَّة فِي حق الطَّاعِن غَيْر سديد . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَاْنَ القَصْدُ الجنائي فِي جَريمة التزوير يتحقق طَالمَا تَعمَّد الجاني تَغيير الحقيقة فِي المُحَرَّر مَع اِنْتواءِ اِسْتعماله فِي الغَرض الذي مِنْ أَجلِهِ غُيِّرَت الحقيقة فِيْهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَلزم أَنَّ يَتَحَدَّث الحُكْم صَرَاحة وَاِسْتقلَالاً عَنْ تَوَافُرِ هذا الرُكْن ، ما دام قَد أَوْرد مِنْ الوَقَائِع مَا يَشهد لِقيامِهِ
يتبع 2:
كَمَا أَنَّهُ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ جَريمَّة التَزوير فِي الأَوْرَاق الرَسميَّة تَتحَقَّق بِمُجَرَّدِ تَغيير الحَقيقة بطريق الغِش بِالوَسَائِل التي نَّص عَلْيهِا القَانْون وَلَّوْ لَمْ يَتَحقَّق ثمة ضَرَّر يَلْحَّق شَخصاً بِعَينِهِ ، لِأَنَّ هَذا التغيير يَنْتُج عَنْهُ حَتماً ضَرراً بِالمَصْلحة العَامَّة لِمَا يترتب عَلْيهِ عَبَّث بالأَوْرَاق الرسمية ، فينال مِنْ حُجيتها وَقيمتها ، وَلَمَّا كَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ قد التزم هذا النظر كَمَا أَثبت فِي حق الطَّاْعِن اِسْتعمال المُحَرَّر المُزَوَّر بأَنَّ قَدمَهُ للجَامِعة التي خضع للاِخْتبار فيها مُحتجاً – وَعَلْى خِلَافِ الحَقيقة – بِأَنَّهُ كَاْنَ ضِمْن أَوْرَاق إِجَاباته وَحُرِّرَ فِي الزَمَان وَالمَكَان المُخَصَّص لَها ، وَذَلِك مَع عِلْمِهِ بِتَزويره ، فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ الطَّاْعِن فِي هذا الخُصوص يكون وَلَا مَحل لَهُ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَت جِنَايَّةُ الاِسْتيلاء عَلْى مال الدَولة بغَيْر حق المنصوص عَلْيهِا فِي المَادَّة ١١٣ مِنْ قَانْون العُقوبَات تتحقق متى اِسْتولى المُوَّظَف العَام
أَوْ مِنْ فِي حُكْمِهِ عَلْى مَال للدولة أَوْ لإِحْدى الهيئات أَوْ المُؤسسات العَامَّة أَوْ الشَرِكات أَوْ المُنشآت إذا كَاْنَت الدولة أَوْ إحدى الهيئات العامة تُساهم فِي مَالها بِنَصيبٍ مَا بِاِنتزاعه منها خِلسة أَوْ حيلة أَوْ عُنوة بنية تملكه وَتضييع المال عَلْى ربه حتى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هذا المال فِي حيازته أَوْ لَمْ يَكُنْ الجاني مِنْ العَاملين بتلك الجهات ، وَإِذْ كَاْنَ مَا أثبته الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ الطَّاْعِن مُدَرِّس مُسَاعِّد بِقِسْمِ …. بِكُليَّة …. جامعة …. حال أَدائَهُ اِمْتحان الدراسات العليا اِسْتولى عَلْى إحدى ورقات الإجابة بغَيْر حق وَالمخصصة لتدوين إجاباته ، بِأَنَّ نزعها مِنْ موضعها مِنْ كراسة الإجابة خلسة وَدُوْن أَنَّ يَلْحظَهُ مُرَاقبي الاِمْتحان ، وَكَانَ الطاعِن لَا يَجْحد صِفتَهُ التي أَثبتها الحُكْم مِنْ كَونِهِ مُوَّظَفاً عاماً بِذَاتِ الكُليَّة ، كَمَا لَا يُنَازِع فِي طَّعْنِهِ فيما أَوْرَّده الحُكْم بشأن ملكية الدولة لهذه الوَرَقة المُستولى عَلْيهِا ، فَإِنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّاْعِن – وَأثبته الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ – فضلاً عَنْ عَبثِهِ بِمُحتوى الوَرَقة وَعَمْده إِلى إتلافها تتوافر بِهِ الأَرْكَان القَانْونية لجناية الاِسْتيلاء
كَمَا هي مُعَرفة بِهِ قَانْوناً فِي المَادَّة ١١٣ سالفة الذكر التي دانه الحُكْم بها ، وَيكون معه مَا ينعاه الطَّاْعِن عَلْى الحُكْم فِي هذا الصدد غَيْر سديد ، وَلَا يعيب الحُكْم – مِنْ بعد – عدم ردَهُ عَلْى دِفَاع الطَّاْعِن فِي شَأَنِ عَدَم تَوَافُر القَصْد الجنائي لديه ، إِذْ إِنَّ ذَلِك لَا يعدو دفاعاً بنفي التُهمة وَهُو مِنْ أوْجُهِ الدفاع المَوْضُوعية التي لا تستأهل رداً طالما كانَ الردُ مُسْتفاداً مِنْ أَدِلَّة الثبوت التي أَوْردها الحُكْم ، كذلك كَانَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ لَا يُؤَثِر فِي قيام جَريمة الاِسْتيلاء رد الجاني المَال الذي اسْتولى عَلْيهِ ، لِأَنَّ الظُروف التي تعرض بعد وُقُوع الجَريمة لَا تنفي قيامها ، فَإِنَّ مُنازعة الطَّاْعِن فِي مدى قيام أَرْكَان جَريمَّة الاِسْتيلاء فِي حقه عَلْى أساس الصُورة التي اعتنقها الحُكْم لوَاقِعة الدَعْوى يكون عَلْى غَيْر أساس وَلَا مَحل لَهُ .
لَمَّا كَاْنَ ذَلِك وَكَانَ البين مِنْ مُطالعة الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أنه أَوْرَّد مُؤَدى أَقْوَال الشَاْهِد الرابع بالإِحَالَّة فِي بَيَانِها إِلى مَا أَوْرَّده مِنْ شَهَادة سَابقيه ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَنْسِبُ لِشُهُود الإِثْبَات قالة أَنَّ الطَّاعِن قد انْتزع وَرَقة الإجابة عُنوة مِنْ كراسة الإجابة – وَذَلِك كُله على خِلَاف زعم الطَّاعِن بأسباب طعْنه – فَإِنَّ مَا ينعاه الطَّاْعِن فِي هذا الخُصوص يكون وَلَا أَسَاس لَهُ ، ذَلِك أَنَّهُ لَا يَعْيبُ الحُكْم أَنَّ يُحيل فِي بيان أَقْوَال شَاْهِد إلى مَا أَوْرَّده مِنْ قالة آخر ما دامت متفقة مع مَا اسْتند إِليهِ الحُكْم منها ، كما لا يقدح فِي سلامة الحُكْم عَلْى فرض صحة مَا يثيره الطَّاْعِن مِنْ عدم اتفاق أَقْوَال بعضهم فِي بعض تفاصيلها
يتبع 3:
ما دام الثابت أَنَّهُ حَصَّلَ أَقْوَالهم بِمَا لَا تَنَاقُض فِيْهِ وَلَمْ يُورِد تلك التفصيلات أَوْ يركن إليها فِي تكوين عقيدته ، إِذْ إِنَّ مفاد ذَلِك أَنَّهُ التفت عَمَّا اخْتلفوا فِيْهِ مِنْ التفصيلات ، كما ينحسر معه عَنْ الحُكْم دَعْوى القصور فِي التسبيب ، كَمَا أَنَّ الطَّاْعِن لَمْ يكشف عَنْ مَوَاطِن عدم اتفاق الشُهُود مع الوَقَائِع مَوْضُوع الشَهَادة ، وَيكون معه منعى الطَّاْعِن عَلْى هذه الصُورَّة غَيْر مقبول . لَمَّا كَاْنَ مَا تقدم
كذلك فَإِنَّ مَا يثيره الطَّاْعِن بشأن جرائم الإضرار العمدي وَالقذف وَالبلاغ الكاذب التي دان الطَّاْعِن بها وَقُصور الحُكْم فِي إِثْبَات توافر أَرْكَانها فِي حقه لَا يجديه نفعاً طَالمَا أَنَّ العُقوبة التي أَنزلها الحُكْم بِهِ بعد إِعمَالهُ نَّصَ المَادَّة ٣٢ مِنْ قَانْون العُقوبَات تَدْخُل فِي حُدْود العُقوبة المُقَرَّرة لِجنايات التزوير فِي المُحَرَّر الرسمي وَاِسْتعماله وَالاستيلاء عَلْيهِ – وَالتي دانه الحُكْم بها وَأثبت توافرها فِي حقه – وَذَلِك بعد اِسْتعمال المَادَّة ١٧ مِنْ ذات القَانون التي عامله الحُكْم بها ، كذلك فَإِنَّ النعي عَلْى الحُكْم فِي هذا الشأن يكون غَيْر مقبول . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الطاعن لَا يُماري فِي أَنَّ المَحْكَمَّة فَضَّت الحِرْز المحتوي عَلْى المُحَرَّر المُزَوَّر فِي حُضْور الطَّاْعِن وَالمُدَافِع عَنْهُ ، وَمِنْ ثَمَّ فقد كَاْنَ معروضاً عَلْى بُسَاط البحث وَالمناقشة فِي حضور الخصوم وَكَاْنَ فِي مُكْنَتِهِ الاِطْلَاع عَلْيهِ إِذَا مَا طَلَّب مِنْ المَحْكَمَّة ذَلِك
كمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ اللَّاَزِم إِثْبَات بَيَانات المُحَرَّر المُزَوَّر فِي صُلْب الحُكْم بَعد أَنَّ ثَبَتَ أَنَّهُ كَاْنَ مَطْروحاً عَلْى بُسَاطِ البَحْث وَالمُنَاقشة فِي حُضْور الخُصوم وَكَانَ فِي مُكْنة الدفاع عَنْ الطَّاْعِن وَقد اطلع عَلْيهِ أَنَّ يبدي مَا يعن لَهُ بشأنه فِي مرافعته ، فضلاً عَنْ أَنَّ القَانْون لَمْ يرتب جزاء البُطْلَان فِي حال عدم إِثْبَات بيانات المُحَرَّر المُزَوَّر مَوْضُوع الحِرْز فِي مُدَوَّنَات الحُكْم كذلك أَنَّ الحُكْم قد تناول فِي مُدَوَّنَاتِهِ مَضْمون هذا المُحَرَّر ، وَمِنْ ثَمَّ يَكْون النعي عَلْى الإجراءات بالبطلان لهذا السبب عَلْى غَيْر أساس . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ نَّقْض الحُكْم يعيد الدَعْوى إلى مَحْكَمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحُكْم المنقوض
كذلك تَجرى فيها المَحْاكَمة عَلْى مَا هو ثابت بالأَوْرَاق ، وَأنه لَا يترتب عَلْى إعادة المحاكمة إهدار الأَدِلَّة وَالإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أَوْرَاق الدَعْوى ، بل تظل قائمة وَمعتبرة وَللمَحْكَمَّة أَن تستند إليها فِي قضائها ، كما لَا ينال مِنْ عقيدتها أَوْ يعيب حكمها أَن تكون هي بذاتها التي عول عَليها الحُكْم المنقوض ، بل وَلها أَن تورد فِي حكمها الأسباب التي اتخذها الحُكْم المنقوض أسباباً لحكمها
كما دامت تصلح فِي ذاتها لإقامة قضائها بالإِدَانَّة ، وَمِنْ ثَمَّ يكون منعى الطَّاْعِن عَلْى الحُكْم بالبطلان فِي هذا الخصوص وَبما يذهب بصلاحية المَحْكَمَّة التي أصدرته غَيْر سديد . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ لمَحْكَمة المَوْضُوع أَنَّ تستخلص مِنْ أَقْوَال الشُهُود وَسائر العناصر المطروحة أمامها عَلْى بساط البحث الصُورة الصحيحة لوَاقِعَة الدَعْوى ، وَأن تطرح مَا يخالفها مِنْ صور أخرى ، ما دام اسْتخلاصها سائغاً مستنداً إلى أَدِلَّة مقبولة فِي العقل وَالمنطق وَلها أصلها فِي الأَوْرَاق ، وَكَاْنَ وَزْنُ أَقْوَال الشُهُودِ وَتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وَتعويل القضاء عَلْى أَقْوَالهم ، مرجعه إلى مَحْكَمة المَوْضُوع تقدره التقدير الذي تَطمئن إِليهِ ، وَهي مَتى أخذت بشهادتهم
فَإِنَّ ذَلِك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها عَلْى عدم الأخذ بها ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أنه لَا يشترط فِي الدليل أَن يكون صريحاً دالاً بنفسه عَلْى الوَاقِعة المُراد إِثْبَاتها ، كما يكفي أَن يكون اِسْتخلاص ثُبوتها عَنْ طريق الاِسْتنتاج مِمَّا تكشف للمَحْكَمة مِنْ الظُروف وَالقرائن وَترتيب النتائج عَلْى المُقدمات ، كذلك أَن تكون الأَدِلَّة فِي مجموعها كَوحدةٍ مُؤَديَّةٍ إِلى مَا قَصدَهُ الحُكْمُ مِنْها وَمُنتجة فِي اقتناع المَحْكَمَّة وَاطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، إِذْ الأَدِلَّة فِي المَوَاد الجِنَائيَّة مُتَسانِدَّة يُكَمِل بَعْضُها بَعْضاً وَمِنْها مُجتمعة تتكون عقيدة المَحْكَمة
يتبع 4:
وَقَرَائِن الأحوال مِنْ بين الأَدِلَّة المُعتبرة فِي القَانْون وَالتي يَصح اِتِخَاذها ضمائم إلى الأَدِلَّة الأُخرى ، وَلَمَّا كَاْنَ الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ قد اقتنع بما شَهِدَ بِهِ شُهُود الإِثْبَات وَاتخذ مِنْ بعضها قرينة ضمها إِلى الأَدِلَّة الأُخرى وَمِنْها مَا اِنْتهى إِليهِ التقرير الفني بِثُبوت الوَاقِعة بِنَاءً عَلْى اِسْتخلاصٍ سَاِئغٍ ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يثيره الطَّاْعِن فِي هذا الشأن مِنْ عدم معقولية تصوير الوَاقِعة الذي اِعتنقه الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ وَمَدى صَلاحية الأَدِلَّة التي اعتمد عَلْيهِا فِي تكوين عقيدته عَنْ الدَعْوى
وَمِنْ دِفَاعِهِ بِنَفي التُهمة وَاِسْتحالة تصوير الوَاقِعة وَفيما أَثارَهُ فِي هذا الصَدَّد مِنْ شَوَاهِد لِيُظَاهِر بِها دِفَاعه ، كُل ذَلِك يتمخض جدلاً مَوْضُوعياً فِي حق مَحْكَمة المَوْضُوع فِي تكوين عقيدتها مِنْ الأَدِلَّة المَطْروحَّة عَلْيهِا وَالتي لَا يُجَادِل الطَّاْعِن فِي أَنَّ لها أَصْلها الثابت مِنْ الأَوْرَاق وَفي اطراح مَا رأت الالتفات عنه ، مِمَّا لَا يُقبل مُصَادَرتها فِيْهِ أَوْ الخوض فِي مناقشته لدى مَحْكَمة النَّقْض
لَمَّا كَانَ ذَلِك وَكَاْنَت المَحْكَمة قد أخذت الطَّاعِن بأَدِلَّة الثبوت التي أَوْرَّدها الحُكْم بِمُدَوَّنَاتِهِ وَلَمْ تُؤَاخِذَهُ بغَيْرِهِ مِنْ الأَدِلَّة الأُخرى حتى يَصِحُ أَنَّ يشكو منه ، وَكَاْنَت تحريات الشرطة وَسائر الشُهُود التي أَوْرَّدها بأسباب طعْنه خارجة عَنْ دائرة اِسْتدلال الحُكْم ، كذلك يثيره الطَّاعِن بصدد عدم صدق أَقْوَال بعضهم لَا يكون لَهُ محل . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الدفع بتلفيق التُهمة وَنفيها وَعدم معقولية تصوير الوَاقِعَّة مِنْ الدفوع المَوْضُوعية التي لَا تستلزم مِنْ المَحْكَمَّة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده مِنْ أَدِلَّة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وَكَانَت المَحْكَمة قد اطمأنت إلى أَدِلَّة الثبوت التي أَوْردتها ، وَاطْرحَت دِفَاع الطَّاْعِن المُنصَب عَلْى نفي الوَاقِعة وَتلفيق الاتهام تأسيساً عَلْى الأَسْبَاب السائغة التي أَوْردها الحُكْم
وَكَاْنَ لَا يعيب الحُكْم سكوته عَنْ التعرض للمستندات التي قدمها الطَّاْعِن تدليلاً عَلْى تلفيق الاتهام، ذَلِك أَنَّهُ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ المَحْكَمة غَيْر ملزمة بالرد صراحة عَلى أَدِلَّة النفي التي يتقدم بها المُتَّهَم ، كذلك ما دام الرد عَلْيهِا مستفاداً ضمناً مِنْ الحُكْم بالإِدَانة اعتماداً عَلْى أَدِلَّة الثبوت التي أَوْردها ، إِذْ بِحَسْبِ الحُكْم كيما يتم تدليله وَيستقيم قضاؤه أَنَّ يورد الأَدِلَّة المنتجة التي صحت لديه عَلْى مَا اِسْتخلصه مِنْ وُقوع الجَريمة المسندة إلى المُتَّهَم ، وَلَا عَلْيهِ أَنَّ يتعقبه فِي كُل جُزئيَّة مِنْ جزئيات دفاعه
لِأَنَّ مَفَاد اِلتفاته عَنْها أَنَّهُ اطْرحَها ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يثيره الطَّاْعِن فِي هذا الصدد وَفيما تناولته مُذكِرة أسبابه فِي هذا الخُصوص ، لَا يعدو جدلاً مَوْضُوعياً فِي تقدير الدليل وَفِي سُلطة مَحْكَمة المَوْضُوع فِي وَزْنِ عناصر الدَعْوى وَاِسْتنباط مُعتقدها منها وَلَا يُثار لدى مَحْكَمة النَّقْض . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وكان الأصل أَنَّ تقدير آراء الخُبراء وَالفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم مِنْ مطاعِن وَاعتراضات مرجعه إلى مَحْكَمة المَوْضُوع التي لها كامل الحرية فِي تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها فِي ذَلِك شأن سائر الأَدِلَّة ، لَتَعلُقِ الأَمر بسلطتها فِي تقدير الدليل ، كذلك لَا تلتزم بِالرَّدِ عَلى الطعون المُوَجهة إِلى تلك التقارير، ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لِأَنَّ مُؤَدى ذَلِك أَنَّها لَمْ تَجِد فِي تلك المَطَاْعِن مَا يستحق التفاتها إليها
هذا فضلاً عَنْ أَنَّ ندب الخبير فِي الدَعْوى لَا يسلبها سُلطتها فِي تقدير وَقَائِعها وَمَا قام فيها مِنْ أَدِلَّة الثبوت ، ما دام أَنَّ تكييف الوَاقِع الذي شَهِد بِهِ الخبير وَتَرتيب آثاره فِي الدَعْوى هو مِنْ خَصَائِص قَاضي المَوْضُوع ، الذي لَهُ أَنَّ يَسْلُك مَا يَرَاه مُؤَدياً إلى فهم الواقع ، وَمتى تَمَّ لَهُ ذَلِك فَلَا يَصِحُ أَنَّ يُصَادِر فِي اقتناعِهِ وَعَقيدته بِطَلبِ المَزيد مِنْ التَحقيقات فِي الدَعْوى . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعُونُ فِيْهِ – عَلْى مَا سَلف بَيَانَهُ – قد خَلصَ إِلى الجَزْمِ بِمَا جَزَمَ بِهِ الخبير اِطْمِئنَاناً مِنْهُ لِسَلَامة مَا أَجْرَاهُ مِنْ أَبْحَاثٍ أَسْفَرت عَنْ شَوَاهِد عَدَّدها عَلى وقوع التزوير مِنْ الطَّاْعِن
فَإِنَّ منعاه فِي هذا الصَدد وَمِنْ قُصْورِ التقرير الفني الذي عَوَّلَ عَلْيهِ الحُكْم فِي الإِدَانة عَنْ بَيَان سَنَدهُ فِيمَا اِنْتهى إِليهِ مِنْ أَنَّ الطَّاْعِن دوَّنَ الإِجْابَات مِنْ مَصدرها العِلْمي مُبَاشرةً يكون فِي حقيقته مُعَاودَةً إِلى الجَدل الموضوعي فِي سُلطة المَحْكَمة فِي تقدير الدليل ، كما لَا يُقبَل إِثارته لدى مَحْكَمة النَّقْض . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الطَّاعِنُ لَمْ يَطْلُب إِلى مَحْكَمة المَوْضُوع تَحقيق شيء مِمَّا يَدْعيه فِي طَّعْنِهِ فِيمَا أَبْدَاه مِنْ دفاع موضوعي وَإِنَّمَا سَاقَ هذا الشِّقَ مِنْ نعيه مساق الشكوى مِنْ قُصْور إِجْرَاءَات التحقيق وَالإِحَالة وَالمُحَاكَمة
وَهو مَا لَا يُعَّد طَلباً ، فَإِنَّه لَا وَجْه للنعي عَلْى المَحْكَمَّة قُعودها عَنْ القيام بإِجْرَاءٍ أَمْسَّك صَاحِبُ المَصْلحة فِيْهِ عن المُطَالبة بتنفيذه ، وَبالتالي فَإِنَّ مَا يثيره الطَّاْعِن مِنْ دَعْوى الإِخْلَال بِحَقِ الدِفَاع لَا يكون مقبولاً . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّهُ يَجِبُ لِقَبْولِ وَجْهَ الطَّعْن أَنَّ يكون وَاضِحاً مُحَدَّداً مُبَيَّناً بِهِ مَا يَرمي إِليهِ مُقَدمهُ ، حَتى يتضح مدى أهميته فِي الدَعْوى المَطْروحة وَكونه مُنتجاً فيها
كذلك كَاْنَ الطَّاعِن لَمْ يبين فِي أَسْبَاب طعْنه أوجه الدفاع الجوهرية التي أبداها المُدَافِع عَنْهُ وَالتي قَصَّرَ الحُكْم فِي اسْتظهارها وَالرد عَلْيهِا وَمَاهيَّة أوجه التَنَاقُض بين الدليل الفني وَالمادي فِي الأَوْرَاق ، فَإِنَّ مَا ينعاه فِي هذا الخُصْوص يكون غَيْر مقبول . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وَكَاْنَ الحُكْم المَطْعون فِيْهِ قد عَامل المَحْكوم عَلْيهِ بالرأفة إِعْمَالاً للمَادَّة ١٧ مِنْ قَانْون العقوبات وَعاقبه بالحبس مع الشُغل لِمُدَّةِ سَنَة وَاحِدة ، دون أَنَّ يؤَقِت عُقوبة العَزل المَقضي بها عَلْيهِ اتباعاً لحكْم المَادَّة ٢٧ مِنْ ذَاتِ القَانْون
فَإِنَّهُ يَكْون أَخْطَأ فِي تطبيق القَانْون خَطأً يوجِبُ تَصْحيحه بِتَوقيت عقوبة العَزْل وَجَعْلَّها لِمدَّةِ سنتين ، عَمَلاً بالحَقِ المخَوَّل لمَحْكَمَّة النَّقْض – بالفقرة الثانية – مِنْ المَادَّة ٣٥ مِنْ قَانْون حَالَات وَإِجْرَاءَات الطَّعْن أَمَام مَحْكَمَّة النَّقْض رَقْم ٥٧ لسَنَة ١٩٥٩ إِذَا تَعَلَّق الأَمر بِمخَالَفَّة القَانْون وَلْو لَمْ يُحَدِّد هَذا الوَجْه فِي أَسْبَاب الطَّعْن . لَمَّا كَانَ مَا تَقَدَّم ، فَإِنَّ الطَّعْنَ بِرُمَّتِه يَكْون عَلْى غَيْرِ أَسَاسٍ خَلْيقاً لِلقَضَاءِ بِرَفْضِهِ مَوْضُوعاً .
قد يهمك: