تعتبر جريمة إصدار شيك بدون رصيد من الجرائم المالية الخطيرة التي تهدد الثقة في التعاملات المالية. يحظى الشيك بمكانة قانونية خاصة كأداة دفع ووفاء، ولذلك فإن إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب يعد انتهاكًا لهذه الثقة ويعرض مرتكبها للمساءلة القانونية. نستعرض في هذا المقال أركان هذه الجريمة والعناصر القانونية المرتبطة بها، من خلال تحليل قضية الطعن رقم ١٤٤٥١ لسنة ٤ قضائية، الدوائر الجنائية، جلسة ٢٠١٤/٠٧/٠٣.
جريمة اصدار شيك بدون رصيد
الطعن رقم ١٤٤٥١ لسنة ٤ قضائية
الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٤/٠٧/٠٣
مكتب فنى ( سنة ٦٥ – قاعدة ٦٧ – صفحة ٥٧٣ )
اصدار شيك بدون رصيد
العنوان : شيك بدون رصيد . باعث . جريمة ” أركانها ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
الموجز : الشيك . ماهيته ؟ النعي بأن الشيك تحرر ضماناً لسداد القيمة الإيجارية . غير مقبول . ما دام قد استوفى مقوماته كأداة وفاء . علة ذلك ؟ لا عبرة في قيام جريمة إصدار شيك بدون رصيد بسبب تحريره أو الغرض منه . إعراض المحكمة عن طلب استدعاء رئيس حسابات الشركة المدعية بالحق المدني ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن سبب تحرير الشيك . لا عيب .
القاعدة : أن الشيك أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات. وما دام قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء فلا عبرة بما يقوله في – أسباب طعنه من أنه أراد من تحرير الشيك أن يكون الشيك ضماناً لسداد القيمة الإيجارية. إذ إن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات .
كما أنه لا عبرة في قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب بسبب تحرير الشيك أو الغرض من تحريره. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التي دعت لإصدار الشيك. ودان الطاعن بالجريمة المسندة إليه وعاقبه بالعقوبة المقررة لها. فإن النعي عليه بدعوى مخالفة القانون لا يكون مقبولا. ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب استدعاء كلٍ من رئيس حسابات الشركة المدعية بالحق المدني. ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن سبب تحرير الشيك سند الجنحة.
حكم اصدار شيك بدون رصيد
وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم. وقابل للسحب قد شابه القصور في التسبيبوالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك أنه أعمل في حقه المادة ٣٣٧ من قانون العقوبات. رغم إلغائها ودون أن يطبق المادة ٥٣٤ / ١ من قانون التجارة. التي تجيز الحكم بالغرامة باعتبارها قانوناً أصلح له
وأغفل الفصل في الدعوى المدنية المقابلة المقامة منه استناداً إلى أن الشيك سند الدعوى متحصل من جريمة خيانة أمانة. وحرر الحكم على نموذج مطبوع ، وخلا من بيان اسم المدعي بالحق المدني وأخطأ في مبلغ الشيك. ورد بما لا يسوغ على مدنية النزاع بدلالة أنه يحمل تاريخين وأنه أداة ائتمان مقابل قيمة إيجارية للشركة المدعية. والتفت عن طلب استدعاء رئيس حسابات الشركة ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن مدى استحقاق الشيك من عدمه. كما التفت عن دفاعه بانتفاء القصد الجنائي في حقه وعن كافة دفاعه ودفوعه. ولم تحقق المحكمة في وجود الرصيد وقت إصدار الشيك من عدمه. وأخيراً خلت الأوراق من وجود تقرير تلخيص مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
حيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين وبيَّن واقعة الدعوى. بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد. التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح. من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك ، وكانت المادة ٥٣٤ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ التي أخذ الطاعن بموجبها قد نصت على أنه : “يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية : أ – إصدار شيك ليس له مقابل وفاء للصرف …”. وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه أصدر شيكاً لا يقابله مقابل وفاء قابل للسحب. أنزل به عقوبة الحبس – وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لتلك الجريمة. فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان النعي على حكمي أول وثاني درجة بإغفال الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية ، فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية ، وذلك عملاً بصريح نص المادة ٣٠٩ من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن هو أغفل الفصل فيها فإنه – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة ١٩٣ من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وهى قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل ، وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات .
إقرا ايضًا: صيغة إعلان حكم مشمول بالصيغة التنفيذية
ولما كان ذلك ، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع ، فإن منعى الطاعن – بفرض استكمال الدعوى المدنية لشروط قبولها – على حكم أول وثاني درجة عدم الفصل في دعواه المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص دعواه المدنية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يعيبه ما دام قد استوفى – بالذات أو بالإحالة – أوضاعه الشكلية وبياناته الجوهرية – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن قالة البطلان في هذا الصدد تكون لا محل لها .
لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط إيراد البيانات الخاصة باسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته في مكان معين من الحكم ، وكان البين من مطالعة الحكم الغيابي الاستئنافي أنه أورد اسم الشركة المدعية بالحق المدني – في وصف النيابة العامة – ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في البيان يكون غير سديد .
كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أسنده إليه الحكم من إعطائه الشيك موضوع الدعوى دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب ، وكان مقدار المبلغ المثبت بالحكم سواء كان ٢٤٠٠٠ جنيه أو ٤٥٠٠٠٠ جنيه لا أثر له على الجريمة التي دين الطاعن بها ما دام أنه لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه الشيك يكفي لسداد مبلغ ٢٤٠٠٠ جنيه ، ومن ثم فلا يؤثر في قيام تلك الجريمة ما يثيره الطاعن من منازعة في قيمة المبلغ المثبت بالحكم ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشيك أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات ، وما دام قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء فلا عبرة بما يقوله في – أسباب طعنه – من أنه أراد من تحرير الشيك أن يكون الشيك ضماناً لسداد القيمة الإيجارية ، إذ إن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات ،
كما أنه لا عبرة في قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب بسبب تحرير الشيك أو الغرض من تحريره . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التي دعت لإصدار الشيك ، ودان الطاعن بالجريمة المسندة إليه وعاقبه بالعقوبة المقررة لها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة القانون لا يكون مقبولا ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب استدعاء كلٍ من رئيس حسابات الشركة المدعية بالحق المدني ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن سبب تحرير الشيك سند الجنحة .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إعطاء الشيك بدون رصيد إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فيكون منعى الطاعن في هذا الشأن على غير سند .
ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع التي لم ترد عليها بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكان لا يشترط قانوناً لوقوع جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أن يقوم المستفيد بتقديم الشيك للبنك في تاريخ إصداره ، بل تتحقق الجريمة ولو تقدم به المستفيد في تاريخ لاحق ، ما دام الشيك قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي يجري مجرى النقود ، ويكون مستحق الأداء بمجرد الاطلاع دائماً ، ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الشيك حرر بتاريخ ١٠ / ٤ / ٢٠٠٨ وقدمه المستفيد للبنك في ١٤ / ٤ / ٢٠٠٨ لصرف قيمته فلم يجد له رصيداً قائماً وقابلا للسحب ، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن بأدلة سائغة علمه وقت إصدار الشيك بأنه ليس لديه مقابل وفاء وقابل للسحب مما يتحقق به سوء النية ، فإن عناصر الجريمة تكون متوافرة في حقه ، ويكون النعي على الحكم بالقصور على غير أساس .
كان ذلك ، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
الخاتمة
جريمة إصدار شيك بدون رصيد تستند إلى وجود علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء للشيك عند تحريره. الأحكام القضائية تؤكد على أهمية احترام الشيك كمستند مالي ذو طبيعة خاصة، ويجب على الأطراف المعنية أن تتحمل المسؤولية القانونية المترتبة على إصدار الشيكات بدون رصيد. الحكم في القضية محل النقاش يعكس موقف القضاء الصارم تجاه هذه الجريمة، ويؤكد على أهمية الحفاظ على الثقة في التعاملات المالية.
إقرا المزيد: