اسباب كسب الجنسيه
اسباب كسب الجنسيه
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 – أخر فبراير سنة 1988) – صـ 423
(63)
جلسة 12 من ديسمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي، وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة والسيد السيد عمر المستشارين.
الطعن رقم 2774 لسنة 30 القضائية
جنسية – الأحكام الصادرة فيها – حجية هذه الأحكام (نطاق الحجية).
تعتبر الأحكام التي تصدر في مسائل الجنسية حجة على الكافة وينشر منطوقها في الجريدة الرسمية – هذه الحجية ترتب أثرها دون تفرقة بين ما إذا كان الحكم صادراً في دعوى رفعت ابتداء مستقلة عن أي نزاع آخر وهي ما يطلق عليها الدعوى المجردة بالجنسية أو دعوى الاعتراف بالجنسية – أو كان الحكم قد صدر في موضوع الجنسية كمسألة أولية لازمة للفصل في نزاع مدني أو إداري أو غير ذلك – هذه الحجية تمنع أصحاب الشأن من إثارة النزاع بإقامة دعواهم بالمنازعة في جنسية مورثهم مرة أخرى أمام مجلس الدولة بعد سبق فصل القضاء العادي فيها بمناسبة دعوى مرفوعة قبل العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة – تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 28 من يوليه سنة 1984 أودع الأستاذ…… المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ …… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2774 لسنة 30 قضائية عليا وذلك عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 29 من مايو سنة 1984 في الدعوى رقم 611 لسنة 27 قضائية المقامة من السيدة الطاعنة ضد السيدين وزيري الداخلية والخارجية المطعون ضدهما والقاضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلزام الطاعنة المصروفات، وطلبت الطاعنة الحكم بقبول طعنها شكلاً وفي الموضوع الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار والقضاء أصلياً ومجدداً بالطلبات الابتدائية، واحتياطياً بإثبات تنازل وزارة الداخلية عن الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 30 لسنة 30 ق، وبناء على هذا التنازل (بإحياء الملف إلى ما كان عليه وحريتها الكاملة) وإثبات تنازل الطاعنة كفضولية عن سائر الخصوم الغير مختصمين في الطعن إلى المطعون ضدهما قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.
وفي نفس التاريخ السابق أودع الأستاذ…….. المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة المذكورة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن قيد بجدولها برقم 2775 لسنة 30 قضائية علياً عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بنفس الجلسة المشار إليها في الدعوى رقم 132 لسنة 27 قضائية المقامة من الطاعنة ضد السيدين وزيري الداخلية والخارجية – المطعون ضدهما – والقاضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلزام الطاعنة المصروفات، وطلبت الطاعنة الحكم بذات الطلبات المبينة بالطعنين السابقين، وقد أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضدهما وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وقد عين لنظر الطعون جلسة 19 من يناير سنة 1987 أمام دائرة فحص الطعون حيث قرر الحاضر عن الجهة الإدارية الدفع ببطلان صحيفة الطعن للتحميل بالموضوع والطلبات، وتداول نظر الطعون الثلاثة أمام الدائرة على الوجه المبين بالمحاضر، وبجلسة 2 من نوفمبر سنة 1987 قررت الدائرة إحالة الطعون الثلاثة إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظرهما جلسة 21 من نوفمبر سنة 1987، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بالمحضر وقررت ضم الطعنين رقمي 2775 و2776 لسنة 30 قضائية عليا ليصدر فيهما جميعاً حكم واحد بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية، ولا وجه لما تثيره الجهة الإدارية من بطلان فحص الطعون للتحميل الذي نسبته إليها، بالنظر إلى أن تلك الصحف قد اشتملت على البيانات الجوهرية اللازمة كما أن أوجه الطعن المدرجة بالصحف المذكورة وإن ورد ببعض عبارتها غموض إلا أنها مفهومة في جملتها، مما يقتضي معه رفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأحكام المطعون فيها وسائر الأوراق – في أنه بتاريخ 28 من مارس سنة 1973 أقامت السيدة/ …… الدعوى رقم 611 لسنة 27 قضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعطائها شهادة بأن الجنسية اليونانية للمرحومة كاترين فيكتورين زلزل تتمتع بحصانة نتيجة الاتفاق الدبلوماسي الذي أبرم بين الحكومتين المصرية واليونانية عام 1933 والمصدق عليه من وزارة الخارجية المصرية، والمؤكد لأوضاع وشروط الاتفاقيات اليونانية المصرية منذ عام 1890، وبموجب مذكرة مودعة بتاريخ 9 من يناير سنة 1983 أوضحت الطاعنة أن دعواها هي دعوى أصلية بتقرير الجنسية غير المصرية للمرحومة كاترين فيكتورين زلزل. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1984 حكمت المحكمة بوقف الدعوى لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بالفصل في الدعوى رقم 3 لسنة 5 تنازع اختصاص. وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1984 طلبت الطاعنة تعجيل الدعوى استناداً إلى صدور حكم في دعوى التنازع رقم 2 لسنة 3 قضائية. وتم تعجيل الدعوى ونظرت بجلسة 3 من إبريل سنة 1984. وبجلسة 29 من مايو سنة 1984 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وألزمت الطاعنة المصروفات – وجاء بأسباب هذا الحكم أنه استبان للمحكمة أن ثمة دعوى تنازع اختصاص أقامتها الطاعنة أمام المحكمة الدستورية العليا قيدت برقم 3 لسنة 5 قضائية أبدت فيها الطاعنة أن محكمة النقض أصدرت حكمين في الطعنين رقمي 30 لسنة 30 ق، و17 لسنة 34 أحوال شخصية أجانب تعرضت فيهما لموضوع جنسية المرحومة كاترين فيكتورين زلزل، وجاء بهذين الحكمين أن السيدة المذكورة اعتبرت مصرية الجنسية وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون الجنسية المصرية رقم 19 لسنة 1929 لزواجها من السيد/ سليم زلزل من سنة 1909 حتى وفاته سنة 1916 واستمرار إقامتها إقامة عادية في مصر حتى بعد صدور قانون الجنسية المصرية في 10 من مارس سنة 1929. وخلافاً لما جاء بهذين الحكمين أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمين آخرين في الطعنين رقمي 29 لسنة 20 ق و30 لسنة 20 ق تضمنا أن المرحومة كاترين فيكتورين زلزل عوملت من قبل جهة الإدارة على أنها أجنبية الجنسية لثبوت الجنسية اليونانية بصفة أصلية في حقها من جهة وعدم ثبوت الأصل العثماني لزوجها المرحوم سليم داود زلزل من جهة أخرى. وإذ رأت الطاعنة أن ثمة تناقضاً بين الحكمين الصادرين من محكمة النقض والحكمين الأخيرين الصادرين من المحكمة الإدارية العليا على حكمي محكمة النقض، وأصدرت المحكمة الدستورية العليا في دعوى التنازع رقم 3 لسنة 3 ق بجلسة 18 من فبراير سنة 1984 كما صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في دعوى التنازع رقم 3 لسنة 5 ق بجلسة 3 من مارس سنة 1984، وقد قضت المحكمة فيهما بعدم قبول الدعوى على أساس أن الثابت من الحكمين الصادرين من المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 29 و30 لسنة 20 قضائية أنهما قضيا باعتبار الخصومة في الدعوى منتهية على أساس أن طلبات المدعين في كل منهما قد تلاقت مع ما قررته الجهة الإدارية. وكانت دعاوى إثبات الجنسية وهي من علاقات القانون العام التي تربط الفرد بالدولة بقصد تقرير مركز قانوني معين يستمد وجوده من نصوص قانون الجنسية ذاته، ولا تثبت باتفاق الخصوم عليه وإنما تقضي به المحكمة المختصة وفقاً لأحكام القانون، ولما كان ذلك فإن الحكمين الصادرين من المحكمة الإدارية العليا المشار إليهما بقضائهما بانقضاء الخصومة لا يكونا قد حسما النزاع حول الجنسية بحكم حائز لقوة الأمر المقضى يمنع من طرح النزاع من جديد بشأن إثبات الجنسية أو ينفيها، وبالتالي ينتفي أي تناقض بين هذين الحكمين والحكمين الصادرين من محكمة النقض، وبناء على قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول دعوى التنازع في هذا الشأن، فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أنه يتعين الفصل في الدعوى على أساس طلبات الطاعنة النهائية. باعتبارها دعوى أصلية بنفي الجنسية المصرية عن المرحومة كاترين فيكتورين زلزل. واستطردت المحكمة إلى أن مقتضى مراحل النزاع حول جنسية السيدة المذكورة. وباستقراء صور الأحكام الصادرة من جهة القضاء المدني في هذا الشأن يتبين أن كلاً من السيدة…….. والسيد…….. والأستاذ…… المحامي بصفته الشخصية كانوا قد تقدموا بعريضة إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية طلبوا فيها ضبط إشهاد ثبوت وفاة السيدة/ كاترين فيكتورين زلزل بمدينة القاهرة في 6 من يناير سنة 1958 وانحصار إرثها فيهم بحق الثلث لكل منهم بناء على وصية شفوية نطقت بها في الخامس والعشرين من ديسمبر سنة 1957. إلا أن السيد/ …….. – وهو من أبناء العصبات بالنسبة للسيدة المذكورة – حضر ونازع في ضبط الإشهاد على الصورة المطلوبة. فأمر رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بحفظ الطلب. فأقام طالبوا الإشهاد الدعوى رقم 10 لسنة 1958 كلي أحوال شخصية أجانب أمام محكمة القاهرة الابتدائية ابتغاء الحكم لهم أصلياً بضبط إشهاد وفاة السيدة المذكورة باعتبارها يونانية الجنسية وانحصار إرثها فيهم، واحتياطياً بضبط الإشهاد على أساس أن السيدة/ …… ابنة المتوفاة كاترين فيكتورين زلزل هي الوارثة الوحيدة عملاً بأحكام القانون المدني اليوناني. وبجلسة 9 من يونيه سنة 1959 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى على أساس أن السيدة المتوفاة كانت قبل زواجها من المرحوم سليم زلزل يونانية الجنسية، وبزواجها منه في 24 من يونيه سنة 1909 – وهو عثماني مقيم بمصر – اكتسبت الجنسية العثمانية، وقد ظلت بعد وفاة زوجها مقيمة بمصر قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 بعد أن فقدت جنسيتها الأصلية. كما استمرت مقيمة في مصر حتى بعد 30 من مارس سنة 1929 تاريخ صدور قانون الجنسية المصري الذي نص في المادة (3) منه على أن “يعتبر مصرياً بقوة القانون الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون في مصر منذ 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون “لم تنزع منه الجنسية طبقاً للأوضاع القانونية وإذا ما اكتسبت الجنسية اليونانية على ما يزعمه المدعون فإنها تعتبر في نظر المشرع المصري – على فرض تعدد جنسياتها – مصرية الجنسية، ما دامت لم تفقد جنسيتها المصرية بإحدى الطرق المبينة بالقانون. إذ لم يثبت أن ثمة قراراً إدارياً صدر بالسماح لها بالتجنس بالجنسية الأجنبية بل أنها تقدمت في سنة 1931 بطلب إلى وزارة الداخلية يدل على تمسكها بجنسيتها المصرية وقد أقيم الاستئناف رقم 842 لسنة 36 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة عن الحكم المذكور وطلب المستأنفون الحكم ببطلان الحكم المستأنف والقضاء بالطلبات السابق طلبها أمام محكمة أول درجة. وبجلسة 27 من إبريل سنة 1960 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف واعتبار المرحومة كاترين فيكتورين زلزل يونانية الجنسية وقت وفاتها في 6 من يناير سنة 1958 وبتطبيق أحكام القانون اليوناني على واقعة النزاع. وقد طعن السيد/ ….. على هذا الحكم أمام محكمة النقض وقيد طعنه برقم 30 لسنة 30 ق أحوال شخصية، وبجلسة 30 من يناير سنة 1963 حكمت المحكمة بنقض الحكم موضوع الطعن، واستندت المحكمة في قضائها إلى أنه مما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون إذ أنه اعتمد في اعتبار المتوفاة يونانية الجنسية على أن الأوراق الرسمية دلت لا على تنازلها فحسب عن طلب التجنس بالجنسية المصرية، بل على أنها قد استردت جنسيتها اليونانية في 9 من أغسطس سنة 1933، في حين أن الفقرة الثالثة من المادة (1) من قانون الجنسية الصادر سنة 1929 تقضي بأن “يعتبر مصرياً بقوة القانون الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في مصر منذ 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر القانون الذي تم في 10 مارس سنة 1929” وأنه طبقاً لذلك فإن المتوفاة مصرية الجنسية لإقامتها في مصر منذ سنة 1909 وامتداد هذه الإقامة إلى ما بعد تاريخ نشر القانون ومن ثم فهي مصرية بحكم القانون دون حاجة إلى أن تتقدم بطلب التجنس بالجنسية المصرية، وهذه الجنسية لم تنزع منها طبقاً للشرائط التي وضعها القانون، ولذلك تظل معتبرة مصرية. واستطردت محكمة النقض في حكمها قائلة أن هذا النص في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن تحدث عن أن المتوفاة طلبت في 18 من يوليو سنة 1931 التجنس بالجنسية المصرية ولم تجبها الحكومة المصرية إلى ذلك، فقد تنازلت عن طلبها في 15 من نوفمبر سنة 1934 واستعادت جنسيتها اليونانية في 9 من أغسطس سنة 1933 وقيدت بسجلات القنصلية اليونانية في 31 من أغسطس سنة 1933 ومنحتها الحكومة المصرية بطاقة إقامة في 29 من يونيه سنة 1953، وقال الحكم بعد ما تقدم أن الأوراق الرسمية دلت لا على تنازلها فحسب عن طلب التجنس بالجنسية المصرية بل أنها استردت جنسيتها اليونانية واستعادت حقوقها كمواطنة يونانية في 9 من أغسطس سنة 1933، وأن هذه الوثائق التي أصدرت متعاقبة من الحكومتين المصرية واليونانية والدالة على أن المتوفاة تنكرت للجنسية المصرية والتي تقول المدعى عليها أنه اكتسبتها نتيجة لزواجها من عثماني. مع أن القانون العثماني لم ينص في أي مادة منه على مثل هذا الحكم أو نتيجة لإقامتها في مصر من سنة 1914 حتى سنة 1929 مع أنها لم تحاول بصفة جدية الحصول على شهادة بالجنسية المصرية بل هي رفضت السير في إجراءات الطلب الذي قدمته لوزارة الداخلية في سنة 1931 وقررت التنازل عنه – وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً لأحكام القانون، ذلك أن الثابت مما ورد في الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المطعون فيه أن المتوفاة السيدة/ كاترين فيكتورين زلزل تزوجت من سليم الأول الذي ولد في لبنان وتعمد بها في سنة 1878، وغادرها إلى مصر سنة 1907 وتزوج بالسيدة المذكورة في 24 من يونيه سنة 1909 وتوفى بالقارة سنة 1916. ومن ثم يكون السيد/ سليم زلزل من رعايا الدولة العثمانية طبقاً للمادة التاسعة من قانون الجنسية العثمانية الصادر في 19 من يناير سنة 1869 التي تنص على أن يعتبر كل شخص مقيم بالديار العثمانية ويعامل كذلك إلى أن تثبت جنسيته الأجنبية بصفة رسمية والمقصود بالديار العثمانية أي إقليم من أقاليم الإمبراطورية في ذلك الوقت. وعلى ذلك تكون المتوفاة بزواجها من السيد/ سليم زلزل – على ما يجرى به قضاء هذه المحكمة – قد ألحقت بالجنسية العثمانية، وتبقى على هذه الجنسية حتى بعد وفاته، ولما كانت المتوفاة قد ظلت مقيمة في مصر ومحافظة على إقامتها العادية فيها حتى بعد صدور قانون الجنسية المصرية في سنة 1929، فإنها تعتبر مصرية بحكم القانون طبقاً للفقرة الثالثة من المادة (1) من القانون المذكور دون حاجة إلى طلب منها. ومتى تثبت الجنسية على هذا الوضع بقوة القانون للمتوفاة فلا تنطبق عليها أحكام استرداد الجنسية، وإنما تطبق عليها أحكام التجنس بجنسية أجنبية، وقد اشترطت المادة (12) من قانون الجنسية الصادر في سنة 1929 بسبق استئذان الحكومة المصرية في هذا التجنس، وإلا فإن الجنسية المصرية تظل قائمة من جميع الوجوه إلا إذا رأت الحكومة المصرية إسقاط هذه الجنسية. ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين نقضه، وذهبت محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون عليه بالطعن الماثل إلى أنه في خصوص الحكم الصادر من محكمة النقض بشأن إثبات الجنسية المصرية للسيدة المذكورة فإن القضاء العادي كان يختص بالفصل في مسائل الجنسية قبل صدور القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة الذي أناط الاختصاص فيها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. ولقد نصت المادة الثانية من مواد إصدار القانون المشار إليه على أن جميع الدعاوى المنظورة الآن أمام جهات قضائية أخرى والتي أصبحت بمقتضى أحكام هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائياً. وإذ كان الثابت أن الدعوى رقم 10 لسنة 1958 أحوال شخصية أجانب التي تم رفعها أمام محكمة القاهرة الابتدائية من السادة….. و….. والأستاذ/ ….. بصفته الشخصية وثار النزاع فيها حول جنسية السيدة/ كاترين فيكتورين زلزل وانتهى بحكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 30 لسنة 30 ق رفعت قبل صدور قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 السابق الإشارة إليه، فإن كان الحكم الصادر من محكمة النقض مقرراًَ الجنسية المصرية للسيدة المذكورة يكون قد صدر في حدود ولاية القضاء العادي وفي أمر مما كان داخلاً في اختصاصه وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة الثانية من مواد إصدار قانون مجلس الدولة سالف البيان، ولما كان الحكم الصادر من القضاء – في حدود الولاية المقررة له بحكم القانون – متضمناً الفصل في المنازعة مما يتضمن قرينة على أنه يعبر عن الحقيقة، وهذه القرينة لا تقبل الدليل العكسي، فلا يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم أو لغيرها من المحاكم أن تعيد النظر فيما قضى به الحكم إلا إذا كان ذلك بطريق من طرق الطعن التي نص عليها القانون وفي المواعيد التي حددها، وهو ما يعبر عنه بمبدأ حجية الشيء المحكوم فيه، ولما كانت الجنسية صفة قانونية تلصق بالشخص بحكم القانون ولا تقبل التغيير باختلاف المنازعة التي تثور بشأنها، فقد قرر المشرع المصري وجوب سريان الأحكام التي تصدر بشأن الجنسية المصرية في مواجهة الكافة، وترتيباً على ذلك يتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل في موضوعها بحكم محكمة النقض دائرة الأحوال الشخصية أجانب الصادر بجلسة 30 من يناير سنة 1963 في الطعن رقم 30 لسنة 30 ق أحوال شخصية الذي قضى بأن المرحومة كاترين فيكتورين زلزل كانت مصرية الجنسية وقت وفاتها في 6 من يناير سنة 1958.
ومن حيث إن السيدة…… أقامت الدعوى رقم 132 لسنة 27 ق ضد السيدين وزير الداخلية والعدل بصحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1972 طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بالامتناع عن استخراج شهادة من واقع ملف الجنسية بأن المرحومة كاترين فيكتورين زلزل كانت وقت وفاتها تتمتع بإقامة خاصة لمدة عشر سنوات بصفتها أجنبية (يونانية) لتقديمها إلى الشهر العقاري، مع تسليمها هذه الشهادة والحكم بالمصاريف. وأثناء تداول الدعوى بالجلسات قامت مصلحة الشهر العقاري بتسجيل عقد القسمة الذي ذهبت الطاعنة إلى أن تسجيله يتوقف على استخراج شهادة بنوع الإقامة التي كانت تتمتع بها السيدة/ كاترين فيكتورين زلزل وطلبت الجهة الإدارية الحكم باعتبار الخصومة منتهية، فبعثت الطاعنة بمذكرتين مودعتين في 9 من يناير سنة 1983 و8 من ديسمبر سنة 1983 بأن الدعوى الماثلة هي دعوى أصلية بنفي الجنسية المصرية عن السيدة المذكورة في تاريخ وفاتها أو تقرير الجنسية اليونانية لها، وقد حكمت المحكمة بجلسة 21 من فبراير سنة 1984 بوقف الدعوى لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 30 لسنة 5 ق بتنازع الاختصاص، وعلى أثر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول دعوى التنازع قامت الطاعنة بتعجيل نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، وبجلسة 29 من مايو سنة 1984 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وألزمت الطاعنة بالمصروفات، وذلك استناداً لذات الأسباب السابق إيرادها عند بيان أسباب الحكم في الدعوى رقم 611 لسنة 27 ق سالف البيان.
ومن حيث إن السيدة/ …….. أقامت الدعوى رقم 231 لسنة 28 قضائية ضد السيدين وزيري الداخلية والخارجية بصحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 8 من يناير سنة 1974 طالبة الحكم بأن المرحومة كاترين فيكتورين زلزل كانت غير مصرية الجنسية، مع نشر الحكم في الجريدة الرسمية عملاً بالمادة 33 من قانون الجنسية وباعتباره حجة على الكافة مع الحكم بالمصاريف. وفي مذكرة مودعة في 9 من يناير سنة 1983 أوضحت الطاعنة بأن الدعوى الماثلة هي دعوى أصلية بتقرير الجنسية غير المصرية للمرحومة كاترين فيكتورين زلزل، وطلبت الطاعنة الفصل في الدعوى على هذا الأساس. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1984 أصدرت المحكمة حكماً بوقف الدعوى لحين صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بالفصل في الدعوى رقم 3 لسنة 5 ق تنازع اختصاص. ثم قامت الطاعنة بطلب تعجيل الدعوى بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الذي قضى بعدم قبول دعوى التنازع. وبجلسة 29 من مايو سنة 1984 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وألزمت الطاعنة بالمصروفات: ذلك استناداً لذات الأسباب السابق إيرادها عند بيان أسباب الحكم في الدعوى رقم 611 لسنة 27 ق سالف البيان.
وإذ لم يرتضي الطاعنون الأحكام المشار إليها، فقد أقامت السيدة/ …….. الطعن رقم 2774 لسنة 30 ق عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 611 لسنة 27 ق. والطعن رقم 2775 لسنة 30 ق عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 132 لسنة 27 ق كما أقامت السيدة/ …….. الطعن رقم 2776 لسنة 30 ق عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 231 لسنة 28 ق. وتستند الطعون السالفة الذكر إلى ما يأتي: أولاً: لم تأخذ الأحكام المطعون فيها بما جاء بعدة أحكام صادرة من مجلس الدولة وحائزة لحجية الشيء المقضى فيه، والثابت منها أن وزارة الداخلية أقرت بأن المرحومة كاترين فيكتورين زلزل يونانية الجنسية وأن زوجها المرحوم سليم زلزل كان أسباني الجنسية. وعلى الفرض الجدلي بأن وزارة الداخلية اعتبرتهما مصريين على سند من حكم محكمة النقض في مسألة أولية وفي غيبة وزارة الداخلية، مما يعتبر ارتجالاً له خطورته بالنسبة للوزارة. فضلاً عن وجود تناقض بين أحكام من نفس درجة التقاضي. ثانياً: إذا كان الحكم المدني تعرض في مسألة أولية لموضوع الجنسية في دعوى إعلام وراثة أو دعوى طلاق، فإنه لا يمتد إلى غير أطراف النزاع – وخاصة وزارة الداخلية – وقد أجمع الفقه والقضاء على عدم سريان حكم صادر في مسألة أولية على غير أطراف الدعوى، وحتى على نفس أطراف الدعوى إن أقاموا دعوى أخرى. ثالثاً: أن هناك ثلاثة أحكام مدنية حائزة لحجية الشيء المقضى فيه ويتعين ترتيب الأولوية بينها. وأول هذه الأحكام – الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 27 من إبريل سنة 1960 في الاستئناف رقم 842 لسنة 76 ق الذي قضى بأن المورثة يونانية الجنسية وذلك ضد خصمين. وفتح باب المرافعة للفصل في الوصية، وقد طعن عليه أحد الخصمين فقط وأصبح نهائياً وباتاً وفقاً لأحكام قانون المرافعات وفي 30 من نوفمبر سنة 1960 صدر حكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف المذكور قاضياً بصحة الوصية ولم يطعن أي من المحكوم ضدهما عليه. وعلى ذلك فإن الحكم الصادر بجلسة 27 من إبريل سنة 1960 هو أول حكم صدر في شأن جنسية المورثة ويعتبر حجة على الكافة ومتعارضاً في حجيته مع حكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 30 لسنة 30 ق بجلسة 30 من يناير سنة 1963 في وقت لاحق. وما كان يجوز للمحكمة أن تهدر شأن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 842 لسنة 76 ق وكذلك الأحكام الأخرى الصادرة من مجلس الدولة. والخطأ الجوهري الذي شاب الأحكام المطعون فيها أنها اعتبرت أن كل حكم يصدر في مسألة جنسية حتى لو تعرضت لها المحكمة كمسألة أولية يفيد وزارة الداخلية حتى ولو لم تكن طرفاً في الدعوى. وأن وزارة الداخلية أن تنازلت عن الحكم الصادر في الطعن رقم 30 لسنة 30 ق من محكمة النقض وهو الأمر الجائز لها بالنظر إلى أنها لم تكن طرفاً في النزاع، فإن موضوع الجنسية المتعلق بالمورثة المذكورة يعود إلى ما كان عليه قبل ذلك الحكم بمفعول هذا التنازل.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المنازعة بشأن جنسية المورثة كاترين فيكتورين زلزل وقت وفاتها في 6 من يناير سنة 1958 قد طرحت على جهة القضاء العادي في نظر الدعوى رقم 10 لسنة 1958 أحوال شخصية أجانب أمام محكمة القاهرة الابتدائية التي أقامها كل من الأستاذ/ ….. و….. والسيدة/ ….. ضد السيدين/ ….. و….. بطلب ضبط إعلام شرعي بثبوت وفاة المرحومة كاترين فيكتورين زلزل بمدينة القاهرة في 6 من يناير سنة 1958 على أنها يونانية الجنسية وانحصار إرثها فيهم كل بحق الثلث طبقاً للوصية الشفوية الصادر منها، واحتياطياً بانحصار إرثها في وريثتها الوحيدة السيدة/ ….، في حين دفع المدعى عليهما بأن المتوفاة كانت مصرية الجنسية وأنه طبقاً لأحكام القانون المصري الواجب التطبيق فإنهما يعتبران وارثين للمتوفاة ولدى ابن عمها ويعتبران من عصبتها. وبناء على ذلك فقد ثار بحث موضوع جنسية السيدة المتوفاة كمسألة أولية لازمة للفصل في موضوع وراثتها. وكان ذلك قبل العمل بأحكام القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في الجمهورية العربية المتحدة الذي تنص المادة (8) منه على أن “يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المسائل الآتية، ويكون له فيها ولاية القضاء كاملة.. تاسعاً.. دعاوى الجنسية..” وقد نصت المادة الثانية من قانون إصدار قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 المشار إليه أن “جميع الدعاوى المنظورة الآن أمام جهات قضائية أخرى والتي أصبحت بمقتضى أحكام هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائياً.. وعلى ذلك فإن جهة القضاء العادي تظل – بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1959 المشار إليه – مختصة بنظر ما تثيره الدعوى رقم 10 لسنة 1959 سالفة الذكر من مسألة أولية تتعلق بجنسية المورثة المتوفاة. ويكون ما عساه يصدر من أحكام بعد ذلك في هذا الشأن صادراً من جهة قضاء ذات اختصاص. أو يكون بالتالي حجة فيما انتهى إليه بشأن بحث هذه الجنسية أمام جهات القضاء الأخرى ومن بينها مجلس الدولة الذي آل إليه الاختصاص بنظر دعاوى الجنسية اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1959 سالف الذكر. وإذ تنص المادة (22) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية على أن “جميع الأحكام التي تصدر في مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة ونشر منطوقها في الجريدة الرسمية” وقد أطرد ورود هذا النص بقوانين الجنسية منذ عام 1950 في المادة (28) من قانون الجنسية المصرية رقم 391 لسنة 1956 والمادة (23) من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة، وقبل ذلك المادة (24) من قانون الجنسية سنة 1950، وهذا النص – الذي صدرت في ظله أحكام محكمة النقض التي قضت باعتبار المورثة المتوفاة مصرية الجنسية – قد ورد حكمه بصورة مطلقة وعامة بحيث تشمل كافة صور الأحكام التي تصدر في مسائل الجنسية بحيث لا تقتصر حجيتها على من كان طرفاً بالدعوى وإنما يتعداهم إلى الكافة. وذلك دون تفرقة بين ما إذا كان الحكم صادراً في دعوى رفعت ابتداء مستقلة عن أي نزاع آخر وهي ما يطلق عليها الدعوى المجردة بالجنسية أو دعوى الاعتراف بالجنسية أم كان الحكم قد صدر في موضوع الجنسية باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في نزاع مدني أو إداري أو غير ذلك – وذلك بصرف النظر عما إذا كانت وزارة الداخلية قد مثلت في النزاع حول الجنسية أمام جهة القضاء العادي أو الإداري لدى نظر موضوع الجنسية كمسألة أولية – أو لم تمثل، وعلى أية حال فبالنسبة لواقعة الحال فقد كانت النيابة العامة ممثلة في كافة مراحل النزاع الذي انتهى بصدور حكم محكمة النقض سالف الذكر، بما يكفل حماية الصالح العام في قبل هذه الدعاوى. وهذه الحجية تمنع أصحاب الشأن من إثارة النزاع بإقامة دعواهم بالمنازعة في جنسية المورثة مرة أخرى أمام مجلس الدولة، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ولا حجة بعد ذلك في القول بأن حكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 842 لسنة 76 ق الصادر بجلسة 27 من إبريل سنة 1960 يحوز حجية تقابل حجية حكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 30 لسنة 30 ق بجلسة 30 من يناير سنة 1963 وذلك بالنظر إلى أن أحد المحكوم ضدهما في الاستئناف المذكور لم يطعن في الحكم. ذلك أن حكم محكمة النقض المشار إليه قد نقض حكم محكمة الاستئناف المذكور، والمسألة موضوع التداعي في الحكمين هي جنسية المورثة المذكورة. ويكون حكم النقض في هذا الشأن حجة على الكافة سواء كانوا من الخصوم أو غيرهم، وسواء كان الخصم قد طعن في حكم محكمة الاستئناف أو لم يطعن. أما حكم محكمة الاستئناف المتعلق بالبت في مدى صحة وصية المورثة المذكورة فإنه بفرض مسايرة الطاعنين فيما ذهبوا إليه من أن أحداً من الخصوم لم يطعن في الحكم الصادر بصحة وصية المورثة المذكورة، فإن ذلك لا ينال من أن محكمة النقض قد حسمت النزاع حول جنسية المورثة واعتبارها مصرية بحكم حائز للحجية قبل الكافة، وليس للحكم الاستئنافي الصادر في مسألة صحة الوصية أثر قانوني من شأنه الإخلال بحجية حكم محكمة النقض فيما انتهى إليه بشأن جنسية المورثة، ولا وجه كذلك القول بأن حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه قد صدر مخالفاً لقضاء سابق من مجلس الدولة. فالبين من أوراق الدعوى أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16 من مايو سنة 1981 في الطعن رقم 30 لسنة 20 قضائية المقام من السيدة…. ضد وزارة الداخلية والسيدة….، والذي كانت الطاعنة تطلب منه الحكم باعتبار السيدة/ كاترين فيكتورين زلزل غير مصرية لميلادها غير مصرية (يونانية) ولزواجها من غير مصري (أسباني) قد انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى الحكم بقبول الطعن شكلاًَ وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباعتبار الخصومة منتهية. وقد حسمت المحكمة الدستورية العليا أي خلاف حول طبيعة هذا الحكم في حكمها الصادر بجلسة 18 من فبراير سنة 1984 في القضية رقم 2 لسنة 3 قضائية تنازع المقامة من الطاعنة المذكورة حيث انتهت إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه بقضائه بانتهاء الخصومة لا يكون قد حسم النزاع حول الجنسية أو نفيها. فالمحكمة الدستورية العليا قد كشفت – بحق – عن أن هذا الحكم لا يكتسب حجية تقيد المحاكم بعد ذلك من بحث موضوع جنسية المورثة المذكورة. ولا يكون للطاعنين بعد ذلك أن ينسبوا إلى الأحكام المطعون ضدها أنها صدرت بالمخالفة لقضاء سابق لمجلس الدولة في الموضوع.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الأحكام الثلاثة المطعون فيها قد أصابت وجه الحق فيما انتهت إليه ما يتعين معه الحكم برفض الطعون الموجهة ضدها وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضها موضوعاً وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه.